اقتصاديات.. "الفراخ" السوري


 كلما تحدثنا إلى أخ أو صديق في الداخل لنسأله عن كيفية تدبره لشؤون حياته المعيشية في ظل أخبار تقول إن دخله الشهري، إن وجد، بات لا يكفي سوى لبضعة أيام، فإنه يحدثك على الفور عن الصعوبات التي أصبحت تواجه الأسرة إذا ما قررت شراء فروج كل بضعة أشهر..

 فتشعر كما لو أنك أمام مشهد كوميدي من فيلم مصري، يتحدث عن أهمية "الفراخ" في حياة المواطن المصري، وما يقاسيه من أجل الحصول عليها..

هذا "التركيز" السوري على سعر الفروج فقط، كمقياس للحالة المعيشية الصعبة التي يعيشها، يعود بالضبط للسينما المصرية التي استخدمت "الفراخ" كمادة ساخرة للتعبير عن الحرمان والفقر والجوع والتعتير والظلم والقهر.. وإلا ما أكثر "الفراخ" في مصر، وما أكثر آكليها، وما أرخصها بحسب شهود عيان..!!

أما السوري الذي يقتبس هذه المشاهد الساخرة من السينما المصرية، ويحاول أن يسبغها على حياته، فإنما يريد أن يقدم لك صورة جاهزة، يعتقد أنها ساخرة، لما أصبحت عليه حياته.. وهذا لا يعني بالطبع أن الفروج سائب في الشوارع ولا يجد من يأكله..
 
أظن، أنه في حالة السوري، لا يجوز الاستدلال بارتفاع الأسعار، وبالذات أسعار اللحوم، لتصوير صعوبة الحياة في سوريا على أنها باتت جحيماً لا يطاق.. فهذا ما يريده النظام بالضبط.. أن تلتهي الناس بالأسعار والطعام وتنسى حقوقها الآدمية.. وتنسى الخطر الذي تتعرض إليه من استمرار وجوده..

يريد أن يقول لنا، أن هؤلاء لو كانوا يشعرون بالخوف وعدم الأمان لما أحسوا بالجوع واشتكوا من ارتفاع الأسعار.. لأن الخوف يطرد الجوع.. والخوف والجوع معاً يطردان صاحبه للبحث عن مكان آخر.. أما هؤلاء فهم جائعون فقط، ومشكلتهم سوف تحل بتغيير الحكومة..

ترك تعليق

التعليق