أكثر من 40 مليون ليرة شهرياً.. ثمن طريق نقل المحروقات من حماه إلى ريف حمص الشمالي


في ظل ضعف القدرة الشرائية لسكان ريف حمص الشمالي، تستمر أسعار المحروقات بالارتفاع، انعكاساً لارتفاعها في مناطق النظام عقب قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك المتضمن رفع أسعار المحروقات 30%، ليصبح سعر ليتر البنزين 225  ليرة بدلاً من 160 ليرة، وليتر المازوت 180 بدلاً من 135 ليرة، وأسطوانة الغاز 2500 بدلاً من 1800 ليرة في مناطق النظام، الأمر الذي ألهب الأسعار في ريف حمص الشمالي بشكل جنوني


انعكاسات مباشرة

ما إن نُشر قرار رفع أسعار المحروقات حتى اختفت بشكل نسبي من محلات بيعها في مدينة الرستن، حيث قام التجار باحتكارها بانتظار صفقة رابحة في اليوم التالي.

,خلال ساعات ارتفع ليتر البنزين من 525 ليرة، ليصبح بـ 650 ليرة، وليتر المازوت من 460 ليرة إلى 540 ليرة، وأسطوانة الغاز من 6000 ليرة إلى 8000 ليرة.

 خالد الشيخ من مدينة الرستن قال لـ "اقتصاد": "ما إن أشيع عن قرار رفع المحروقات حتى تبخرت من المحلات وعادت في اليوم التالي بأسعار خيالية


أسباب الارتفاع

 "إن السبب المباشر لارتفاع أسعار المحروقات هو ارتفاعها من المصدر"، كمال قال أبو عبدو، أحد تجار المحروقات في المنطقة في حديث خاص لـ "اقتصاد"، والذي أضاف أيضاً: "ترجع الأسباب غير المباشرة إلى وضع الطريق الذي تدخل منه الصهاريج والكمية المتواجدة في المنطقة ومواسم استهلاكها، كما أنها تتنقل بين أيدي أكثر من 3 تجار حتى تصل إلى المستهلك".

ويدخل إلى الريف الشمالي بمعدل يومي ما يقارب الـ 60 ألف ليتر، لكنها لا تكفي لسد حاجيات الريف الكبيرة.


أكبر مستهلكي المحروقات

 رغم الكميات التي تدخل الريف الشمالي يومياً، إلا أنها لا تسد احتياجات الريف الشمالي الكبيرة، فالمولدات التي تشغل غرف التبريد والمجموعات التي تضخ المياه من بحيرة سد الرستن إلى الأراضي المجاورة، هي من أكبر مستهلكي المحروقات، ناهيك عن السيارات. لكن المستهلك الأكبر هي الأفران.

أبوخالد، صاحب أحد الأفران في مدينة الرستن، قال لـ "اقتصاد": "أحتاج 1500 ليتر يومياً لتشغيل الفرن بطاقته الإنتاجية القصوى"، مما جعل حلم كساد المحروقات صعب التحقق في ظل الحصار المفروض على ريف حمص الشمالي.


كيفية دخول المحروقات إلى المناطق المحررة

تدخل المحروقات من حماه إلى الريف الشمالي بصعوبة كبيرة، بسبب الحصار المفروض، حيث ينحصر دخول المحروقات ببعض التجار الذين لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد، وذلك لعقدهم اتفاقيات مع حواجز التظام تسمح بموجبها بمرور المحروقات إلى المناطق المحررة.

ويبلغ ثمن الطريق من قلب مدينة حماه إلى مشارف الريف المحرر أكثر من 40 مليون ليرة شهرياً، وهو عقد يبرم بين تجار الريف وشعبة المخابرات العامة، يُسمح من خلاله للتجار المساهمين فقط بالعقد بإدخال المحروقات والمواد التموينية إلى الريف الشمالي لحمص، كما أفاد أحمد أبو عبدو، أحد تجار المازوت في الرستن في تصريح خاص لـ "اقتصاد".

تسعير المحروقات

 في ظل غياب أي شكل من أشكال الرقابة والتموين، تأخد المحروقات أسعارها بما يتناسب مع جيوب التجار، وتخضع لقانون العرض والطلب، لكن عند مواسم الطلب عليها يعمل تجار المحروقات على الاحتكار مما يرفع أسعارها بشكل غير طبيعي رغم توافرها في المستودعات.

تثبيت سعر المادة بالقوة

 قامت بعض الفصائل العسكرية بعدة محاولة لتثبيت سعر المحروقات، لكن احتكار بعض التجار دون غيرهم لإدخالها إلى الريف وعدم التزام الباعة بالقرارات الصادرة، وبسبب الحاجة الماسة للمحروقات، كان الفشل نصيب تلك المحاولات في كل مرة.

أبومحمد، قيادي في إحدى الفصائل العسكرية التي حاولت التدخل، قال لـ "اقتصاد": "حاولنا أكثر من مرة التدخل في تسعير المحروقات لكن التجار أضربوا عن بيعها وبدل ما تنزل الأسعار غليت بزيادة".


هذا واقع يعيشه الريف الشمالي لحمص منذ أكثر من سنتين، تحت رحمة بعض التجار الذين يتحكمون بالأسعار بما يتناسب مع مصلحة جيوبهم، ومما زاد الطين بلة أن جميع السلع، من ربطة الخبز إلى الخضراوات، ترتفع مع ارتفاع أسعار المحروقات، مما جعل البقاء على قيد الحياة مهمة أصعب في ظل الحصار وجشع التجار.

ترك تعليق

التعليق