حليب وأغذية الأطفال في سوريا.. بين الحصار والاحتكار
- بواسطة أحمد الخليل - خاص - اقتصاد --
- 02 حزيران 2016 --
- 0 تعليقات
ماتزال المناطق المحاصرة منذ بداية الثورة، تعاني التجويع ومنع دخول الأغذية والأدوية، إلا أن أشد مظاهر الحصار قسوة، هو منع دخول حليب الأطفال، والذي أدى يوماً إلى ما سماه البعض بـ "انتفاضة حليب الأطفال"، يومها طالب السوريون ومعهم بعض "الفنانيين"، بوقف قطع حليب الأطفال، ولكن إلى الآن لم تلقى تلك الدعوات آذاناً صاغية من أغلب الأطراف الفاعلة، بل بدأت المناطق غير المحاصرة تشهد حالات تلاعب بحليب الأطفال، كان آخرها صفقة الحليب الفاسدة في مناطق المعارضة في الشمال.
وكذلك بدأت المناطق الخاضعة للنظام تعاني من حالات احتكار وتلاعب بالأسعار وخاصة أغذية الأطفال وحليب الرضع، دون أي رادع أخلاقي أو رقابي من أي جهات مختصة.
فأين هي المنظمات الدولية المعنية بالطفولة من الطفل السوري؟، وأين العالم بأسره من قضية غذاء الطفل السوري؟!
فمن نتائج الأحداث القائمة والعامل النفسي المؤثر، ونتيجة الخوف وسوء التغذية، انعكس ذلك سلباً وأدى لانخفاض عدد الأمهات الرضع، "الرضاعة الطبيعية"، الأمر الذي دفع معظم الأهالي إلى الحليب المجفف لإرضاع أطفالهم دون عمر السنتين.
ولكن المفاجئ في الموضوع، هو الارتفاع التدريجي والدائم وبشكل شهري تقريباً، لأسعار حليب الأطفال، ناهيك عن "انقطاعه" المتكرر لعدة أيام، من حين لآخر، لتبرير ارتفاع أسعاره، فتتفاجأ بالسعر الجديد الصادم، حيث وصلت أسعاره "بشكل قابل للزيادة طبعاً"، في حالة بعض الأنواع الأكثر انتشاراً وإقبالاً في الصيدليات، في إحدى مناطق سيطرة النظام، كالآتي:
علبة حليب "بيوميل" (400)غ بسعر (2350) ليرة سورية، علبة حليب "بيبي ليت"(400)غ بسعر (2750) ليرة سورية، علبة حليب "بيبي لاك" (400) غ بسعر (2600) ليرة سورية.
أما حليب "النان" وهو الأكثر تداولاً والأكثر انقطاعاً، فبعد أن سجل سعر علبة تحوي (400)غ، (2250) ليرة سورية، فُقد من السوق والصيدليات بشكل تام، والواقع "المقزز" أنه لجأت الصيدليات لإخفاء العبوات بانتظار ارتفاع أسعاره على الرغم من توفر كميات لديها بأسعار قديمة.
كما أُكملت عملية الاحتكار من قبل مستودعات توزيع الحليب، حيث أوقفت توزيع حليب "النان" للصيدليات بانتظار ارتفاع سعره.
كما ارتفعت أسعار الأغذية المساعدة للحليب الذي يعطى للطفل بعد ستة أشهر، كوجبة أو وجبتين يومياً، إلى الآتي:
علبة "سامي بالأرز"، وعلبة "سامي بالقمح"، وعلبة "سامي بالفواكه"، (تحوي العلبة200غ)، ارتفع سعر كل منها إلى (375) ليرة سورية، وعلبة "سامي بالموز" (200غرام) ارتفع سعرها إلى (425) ليرة سورية، أما علبة "سامي بالعسل" (200غرام) فارتفع سعرها إلى (525) ليرة سورية، أما علبة "السيريلاك" (400غرام) ارتفع سعرها إلى (1400) ليرة سورية.
وبهذا أصبح غذاء الطفل أمراً يرهق العائلة السورية ذات الدخل المحدود جداً، ضمن غلاء غير متناسب مع الدخل، فوسطياً يحتاج الطفل علبة حليب كل(4 أو 5) أيام أي ما يقارب (6 - 8) علب شهرياً أي ما يقارب (15) ألف ليرة سورية.
ويضاف إلى ذلك تكلفة أسعار الحفاضات التي تتراوح أسعارها بين (1150-1600) ليرة سورية بحسب النوع والجودة، فيحتاج الطفل ما يقارب (5) أكياس شهرياً أي حوالي (6-7) آلاف شهرياً.
وهنا تخيلوا الأعباء المالية لو كان أحد الأبوين موظفاً براتب يتراوح بين (28-32) ألف ليرة سورية، إذ أن الراتب يكفي فقط لطفل واحد من أفراد الأسرة، الأمر الذي دفع الكثير من السوريين إلى إرضاع أطفالهم حليب "الأبقار"، حيث بلغ سعر الكيلو (150) ليرة سورية، ويجب شراء كيلو حليب بقر طازج بشكل يومي ويغلى حتى التعقيم ويضاف لكل ثلث حليب ثلثي ماء لأن حليب البقر يعتبر "ثقيل" على الطفل ثم يضاف له السكر، ولكن النتائج سلبية جداً على الأطفال حيث يعاني الأطفال الذين يعتمدون على حليب البقر من التهاب الأمعاء بشكل دائم، وبالتالي ما يوفر من سعر الحليب يدفع معاينات للأطباء وثمن أدوية وكثيراً من الأطفال يضطر لدخول المشفى لتعويض ما خسره من ماء وأملاح معدنية نتيجة الإسهال والاستفراغ، حيث ينصح الأطباء الأهالي بالتوقف عن إرضاع أطفالهم حليب "البقر" قبل أن يبلغ الطفل السنة الأولى من العمر.
ويبقى رجاء معلق على ألسنة الأمهات، ألا يوجد من يطرح ويشارك بالنداء:
من أجلك أيها الطفل نتوجه بنداء بل برجاء بلسان حالنا الذي لا حول ولا قوة لنا إلا به، إلى جميع المنظمات الإنسانية في العالم عامة ومنظمات الطفولة ومنظمات إنقاذ الطفل خاصة بتخصيص جزء من المعونة لصالح الطفل السوري لإيقاف جوع الرضيع السوري والحد من معاناته وذلك بتوزيع عدد من علب الحليب لكل طفل رضيع سوري ليبقى لهذه المنظمات الإنسانية طابعها ولينطبق عليها توصيف المنظمات الإنسانية.
التعليق