كيف دعم تنظيم الدولة الإسلامية الليرة السورية، ولماذا؟

مع استمرار قطع الطريق التجارية الرئيسية بين مناطق سيطرة تنظيم الدولة ومناطق الجيش الحر في ريف حلب الشمالي، والذي دام أكثر من شهر ونصف، يشعر البعض بأن نوعاً من الحظر الاقتصادي قد تم فرضه على ملايين المدنيين السوريين القاطنين في شمالي وشرقي سوريا.

ولكن الموضوع له انعكاسات وتفاصيل أخرى مهمة على الصعيدين الاقتصادي والعسكري، فإلى جانب المكاسب الكبيرة التي حققتها الليرة السورية بعد أن كانت مهددة بالانهيار، هذه المكاسب التي نتجت عن وقف الطلب المحموم على الدولار في أحد أهم المواسم السنوية قبل رمضان، فإن نوعاً من توافق المصالح بين النظام والتنظيم قد ساعد في دعم الليرة السورية بصورة مضاعفة.

وهكذا فقد أدى انقطاع الأمل إلى حدٍ ما من فتح الطريق المذكور إلى بدء الاعتماد على مناطق النظام في تأمين ما يمكن تأمينه من الخضار والفواكه والمواد الغذائية، مما أدى -وإن ليس بالمقدار نفسه-إلى عكس الطلب في سوق الصرف الداخلية من الدولار الأمريكي إلى الليرة السورية، وذلك مع اقتراب شهر رمضان الذي يتم فيه تقاضي الزكاة في جميع مناطق سيطرة التنظيم، هذه الزكاة التي كان سيَعمد كل المطالَبين بها والمتوجبة عليهم، إلى دفعها بالليرة السورية المتردية لو استمرت على ما كانت عليه من انحدار؛ أما وقد غدت مطلوبة لتأمين المدفوعات اللازمة للتجارة مع مناطق سيطرة النظام، فإن ذلك انعكس إيجاباً على الليرة وجعلها محل طلب، وبالتالي فإن مؤسسات تنظيم الدولة سوف تنعم بالواردات الدولارية المعتادة، وتحافظ على قيمة مقبولة للمبالغ المستلمة بالليرة السورية، سواء كزكاة أو كرسوم أخرى متنوعة، وسط أنباء عن قيام تنظيم الدولة الإسلامية ببيع النفط مقابل الليرة السورية وليس الدولار الأمريكي فقط.

من جهة أخرى، وبعكس ما هي عليه الحال مع مناطق سيطرة الوحدات الكردية والنظام، فإن تنظيم الدولة الإسلامية لم يبد أي تساهل في موضوع فتح الطريق مع منطقة سيطرة الجيش الحر في شمال حلب، فبعد سويعات من فتحه في يوم الخميس 26/5/2016، لم تكن حمية عناصره رداً على محاولة تمرير سيارتين تحملان "الدخان" وفساد بعض حواجز الجيش الحر التي قيل أنها كانت تتقاضى "أتاوة" من كل سيارة تمر منها باتجاه مناطق سيطرة التنظيم، هذه الحمية ما كانت لتكون بهذه الضراوة بالصورة التي لاحظناها خلال الأيام الثلاثة الماضية، لو لم تكن في إطار شحنٍ عامٍ ومخطط.

فمعركة الفلوجة، وحالة التكالب التي أبدتها "الوحدات الكردية YBG" ضمن "قوات سورية الديمقراطية" فيما يخص وهم "معركة الرقة"، أضف إلى استمرار أثر الهجوم على بلدة (الراعي) الذي شنه الجيش الحر خلال شهر آذار، كلها شكلت حالة "ديماغوجية" فريدة من نوعها بالنسبة للتنظيم، كان لابد من استغلال حالة الحظر الاقتصادي المفروض "وفق تصور البعض" على المدنيين لدعمها، بما ينتج عنه من آثار اقتصادية حيث خرج قطاع واسع من الشباب عن سوق العمل، أضف إلى تأثرهم المعنوي الكبير بفكرة وجود وحدات كردية تحكم عرباً أقاحٍ على أرضٍ عربيةٍ بامتياز، وهكذا وبحسب مصادر ذات مصداقية تقاطر آلاف من هؤلاء للتطوع في صفوف التنظيم وبأعداد لم تتحقق خلال سنة مرت، بعكس ما كان متوقعاً.

ترك تعليق

التعليق