سيرة النت الفضائي في جنوب سوريا.. وأسعاره وميزاته


بهدف قهر السوريين والتضييق عليهم، قامت قوات النظام وأجهزته الأمنية ومنذ انطلاق الثورة السورية قبل أكثر من خمس سنوات، باتخاذ إجراءات حصار صارمة بحق أهالي المناطق التي خرجت عن سلطة النظام، شملت مختلف مناحي الحياة المعيشية والاقتصادية، بمختلف جوانبهما.

ولعل أبرز أشكال الحصار الذي فرضته، إضافة إلى منع وصول المواد الأساسية  للمناطق المحررة، قيامها بقطع كل أنواع الاتصالات عن المواطنين، وذلك بهدف طمس الجرائم التي ترتكبها بحقهم جهاراً نهاراً، ومنع إيصال ما يحدث داخل الأراضي السورية إلى العالم الخارجي.

بهذا الصدد، يقول ضياء 37 عاماً، وهو مهندس الكترون، "منذ اشتداد الأعمال العسكرية وانتهاج النظام الحل العسكري، ولجوء الثوار والناشطين إلى تصوير ونقل ما يحدث على الأرض السورية، وبثه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عملت قوات النظام وأجهزته الأمنية على قطع وسائل الاتصال التي تؤمن وصول أخبار الداخل إلى الخارج، ومحاربة كل من يقوم بذلك متهمة إياه بجريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام"، لافتاً إلى أن قوات النظام عطلت مقاسم الهواتف بصورة متعمدة، كما عمدت إلى قصف وتخريب أبراج البث لشركات الاتصالات الخاصة، كل ذلك لمنع تواصل السوريين في المناطق المحررة مع العالم الخارجي والتستر على ممارساته وجرائمه بحق الشعب السوري.

وأضاف: "على الرغم من عمليات الحصار وتداعياتها إلا أن الأمر كان مختلفاً بالنسبة للمحافظات الحدودية، ولاسيما محافظة درعا المجاورة للأردن، حيث تمكن بعض المواطنين وبفضل أقاربهم من اللاجئين السوريين في الأردن، من إيجاد طرق مقبولة للتواصل، وذلك من خلال إدخال بعض خطوط الهاتف التابعة لشركات الاتصالات الأردنية إلى المناطق المحررة القريبة من الحدود الأردنية واستخدامها في التواصل عبر التقاط بث هذه الشبكات، لينجحوا في نقل ما يحدث من جرائم وممارسات داخل سوريا، واطلاع العالم عليها، ما أسهم بتحقيق تعاطف  كبير مع الثورة السورية والثوار"، لافتاً إلى أن شبكات الاتصالات الأردنية كانت في مرحلة متقدمة من عمر الثورة السورية، تكاد أن تكون  وسيلة الاتصالات الوحيدة لأبناء درعا مع العالم الخارجي.

من جهته، قال علي، صاحب محل موبايلات، "المواطنون هنا يستخدمون شبكات الاتصال الأردنية، لأنها شبكات الاتصال الوحيدة المتوفرة في المنطقة، ونحن هنا نبيع بطاقات الرصيد وخطوط الهاتف الأردنية وأجهزة تقوية الإشارة، ونحقق أرباحاً جيدة من خلال التعامل بها"، مشيراً إلى أنه يحصل على هذه الخطوط عبر القادمين من الأردن من المواطنين السوريين العائدين إلى بلادهم أو من بعض التجار في المنطقة.

وأضاف: "أما بطاقات الرصيد فكنا نحصل عليها عبر موزعين خاصين ولكن مع استمرار إغلاق الحدود ومنع دخول السوريين إلى الأردن، صارت ترسل إلينا البطاقات عبر رسائل الهاتف والواتس حيث يتم إرسال أرقام الرصيد ونحن نقوم ببيعها للزبائن".

الشبكات الأردنية التي أصبحت تعاني ولأسباب غير معروفة من ضعف وبطء البث، بدأت تجد منافساً آخر على الأراضي السورية المحررة، وذلك من خلال مشاريع النت الفضائي التي غطت معظم المناطق المحررة، باعتبارها من المشاريع الاقتصادية الرابحة.

ويشير محسن، وهو أحد المستثمرين في هذا المجال، إلى أن "النت الفضائي رغم المنافسة يحقق أرباحاً جيدة"، لافتاً إلى أنه كمشروع اقتصادي خدمي مدر للربح، يحتاج إلى رأسمال يقدر بنحو 7500 دولار، وهي  تكلفة شراء أجهزة الاستقبال والأبراج وأجهزة الإرسال المستخدمة.

وأضاف أن "البث الفضائي المستخدم يخصص لتغطية مساحة قرية أو بلدة، وتقاس قوة التغطية أو ضعفها بعدد الأبراج وتوزعها"، لافتاً إلى أن أصغر قرية أو بلدة تحتاج إلى ما بين 10 أبراج أو 15 برجاً، حسب انتشار المساكن والأحياء فيها.

من جهته، لفت معاذ، وهو صاحب مشروع نت فضائي، إلى أن "افتتاح أكثر من مشروع في بلدة واحدة، يعزز التنافس على تحسين الخدمة، ويقلل من قيمة أسعار الغيغات المقدمة للزبائن"، مشيراً إلى أن الأسعار المتعارف عليها في مناطق درعا المحررة، هي كالتالي: 1غيغا بايت ولمدة شهر بـ 1250 ليرة سورية، فيما سعر خدمة 2 غيغا بايت ولمدة شهر بـ 2500 ليرة سورية، أما سعر الـ 4 غيغا بايت ولشهر واحد فيبلغ 3500 ليرة سورية، فيما يصل سعر الـ 5غيغا بايت ولمدة شهر إلى 4500 ليرة سورية.

وأضاف أن "الأسعار تكون غالباً أقل بـ 200 ليرة سورية لكل شريحة كما أن هذه الأسعار أقل من أسعار الخدمات التي تقدمها الشبكات الأردنية التي باتت تغطيتها ضعيفة جداً، مقارنة مع تغطيتها في بدايات الثورة"، لافتاً إلى أنه يتم الحصول على أجهزة النت الفضائي المستخدمة عن طرق تجار ومندوبين يتعاملون بها وهي في الغالب أجهزة سورية وتركية وصينية وأردنية المنشأ وهي متوفرة ولكل منها سعره.

محمد، وهو أحد مستخدمي النت الفضائي في مدينة نوى، أكد أن "المدينة كانت تعتمد في اتصالاتها على شركات الاتصالات السورية"، موضحاً أنه وبسبب تخريب أبراج التقوية نتيجة الأعمال العسكرية، فقدت  المدينة القدرة على التواصل مع العالم الخارجي.

وأضاف: "لكن مع تمكن بعض المستثمرين من فتح مشاريع نت فضائي في المدينة، عاد المواطنون إلى التواصل مع العالم الخارجي، ومع ذويهم"، مشيراً إلى أهمية وضرورة هذه المشروعات في التواصل والاتصال، وتسويق ما يحدث من جرائم في سوريا على أيدي قوات النظام.

وقال أنه "ومع استقرار مشاريع النت الفضائي انتشرت في المدينة مقاهي الانترنيت التي تقدم خدمات النت بأسعار مقبولة جداً.

فيما أكد عدنان، من إحدى القرى الحدودية مع الأردن، أنه و"مع ظهور مشاريع النت الفضائي التي غطت المنطقة المحررة من محافظة درعا، قل الاعتماد على  خدمات الشركات الأردنية التي كان يلتقط بثها على مساحات من الجنوب السوري"، مشيراً إلى أن خدمة الاتصال أصبحت بفضل هذه المشاريع متوفرة بجودة وسرعة عاليتين، كما أنها أرخص، والحصول عليها أكثر يسراً وسهولة، حسب وصفه.

ترك تعليق

التعليق