حمص بعد الثورة.. حيث نكهة الحماصنة غائبة عن العيان


ها هي مدينة حمص التي كانت ومازالت عاصمة الثورة في عيون ونفوس الثوار، بعد سنين ثورتها وتدميرها ونهبها بأيدي جلاديها، وبعد أن حاولوا إخفاء معالمها يوماً، عقاباً لها على انتفاضتها.

يعود اليوم من حاول قتلها ليحاول جاهداً إحيائها من جديد، ليُظهر أو ليقول للعالم، "هنا حمص حيث لا ثورة،.. منطقة آمنة تحت سلطة القمع والموت والتهجير والاعتقال".

 وبعد تدمير أغلب المنازل والمحلات في الأحياء الثائرة بشتى أنواع الأسلحه والقتل، وكعقاب جماعي "إرهابي"، فُرّغت الأحياء الثائرة من أهلها ومحتوياتها، مثل أحياء "الخالدية وشارع الدبلان ومحيطه وجورة الشياح.."، ما يزال حصار وتجويع حي الوعر، الوحيد المتبقي خارج سلطة النظام، قائماً.

 لترى في المقلب الآخر، الأحياء الموالية لم تشهد أي تخريب -إلا بعض أعمال التفجير التي أغلبها من صنع أجهزة النظام للحفاظ على التحشيد والاحتقان الطائفي-.

 وقد شارك سكان الأحياء الموالية في القمع والنهب والقتل، كأحياء "عكرمة والنزهة والحضارة والزاهرة..".

وبعد خروج الثوار من أحياء حمص القديمة وتوقف أعمال القصف والأعمال القتالية، وباعتبار حمص المدينة أصبحت خالية من ثوارها إلا في "حي الوعر المحاصر"، شهدت أحياء حمص اكتظاظاً في بيوتها وشوارعها بالنازحين من كافة المحافظات السورية، فعاد الضجيج رويداً رويداً إلى الأحياء التي كانت خارج نطاق الأعمال القتالية، وعادت الحياة إلى شوارعها، ولكن الاختلاف الجوهري الصادم هو تغير وجوه ساكنيها.

(صورة من داخل سوق الدبلان بحمص - اقتصاد)

 ‪ فبعد إخماد لهيب ثورتها بدأت الحياة تعود لطبيعتها في بعض أحياء حمص وأهمها: الزهرة، النزهة، الحضارة، العباسية، عكرمة، الشماس، كرم الشامي، طريق الشام، الدبلان، الانشاءات، الحمرا...

 وعمل النظام وأجهزته على إعادة مظاهر الحياة الطبيعية، كحركة باصات النقل الداخلي بين شوارع المدينة، بكلفة (35) ليرة سورية للراكب الواحد.

 وكانت أولى إجراءات إعادة الحياة هي العمل على تنشيط شارع الدبلان الشهير منذ بداية العام الحالي، وذلك عبر تنشيط المراكز الحكومية الموجودة فيه وقربه، كمبنى المحافظة، قيادة الشرطة، السرايا، الإدارة المحلية، نقابة المعلمين، وشركة كهرباء حمص، ومديرية التربية، والصحة المدرسية القريبة منه أيضاً.

(مبنى محافظة حمص - اقتصاد)

 كما أعيد افتتاح المدارس في هذه المنطقة وغيرها "الدبلان وجواره"، بعد اكتظاظها بالنازحين والذين يدفعون أجور سكن تتراوح بين (20-40) ألف ليرة سورية، وأجور محلات تتراوح بين (30-50) ألف ليرة سورية.

(محل بوظة بسوق الدبلان بحمص - اقتصاد)

كما عمد النظام أيضاً لافتتاح مركز للهجرة والجوازات في هذه المنطقة وأضاف عليها مكتباً لوزارة الخارجية الذي يقع خلف مبنى المحافظة قرب الساعة الجديدة، حيث يتم من خلاله تصديق الوثائق الرسمية المراد تصديقها من الخارجية، باستثناء المُحال منها من خارج القطر، حيث يتم التصديق بيسر من قبل مكلفة عن وزارة الخارجية ولا يتطلب الأمر سوى إلصاق الطوابع بين (85-150) ليرة، ثمن الطوابع، تبعاً لنوع الوثيقة المراد تصديقها، أما الوثائق المُحالة من خارج القطر فيتم تصديقها من وزارة الخارجية في دمشق حصراً.

ويمكن للعارف بمدينة حمص أن يلاحظ الاختلاف والتغيير الطارئ، فنكهة الحماصنة غائبة عن العيان.

ترك تعليق

التعليق