ضيق البيوت في عينتاب يُنعش المقاهي السورية

 رغم كثرتها، لم يرتد معلم المدرسة بدر علو، مقاهي حلب في السابق إلا في حالات نادرة، لكنه ومنذ قدومه إلى مدينة عينتاب التركية، قبل نحو عام من الآن، صار يرتاد مقاهي المدينة هذه وخصوصاً السورية منها بكثرة.

بعد أن استأجر منزلاً في المنطقة المحاذية لجامعة عينتاب، وجد نفسه مضطراً في كثير من الأحيان إلى استقبال ضيوفه في المقاهي، "بيتي بمساحة علبة كبريت، ويقتصر على غرفة واحدة، هذه المقاهي رحمة من السماء"، يقول علو.

 ويتابع لـ"اقتصاد"، "لست من رواد المقاهي، ولكن ضيق بيتي، وعدم وجود غرفة معزولة لزوجتي ولطفلي الوحيد، تجعلان من استقبال الضيوف في المنزل أمراً مستحيلاً".

من جانب آخر، يتحدث علو عن امتعاض صاحب البيت التركي في حال قدوم الضيوف إلى منزله، ويوضح مستغرباً، "أصحاب البيوت الأتراك يبدون غضبهم من أدنى حركة نقوم بها في المنزل، و يشعرونا كأننا نقيم في البيوت بالمجان، علماً بأنهم يتقاضون إيجاراً مرتفعاً، لا يتناسب ومساحة البيوت مطلقاً".

ويقطن غالبية اللاجئين في المدينة في بيوت صغيرة المساحة معدة للسكن الجامعي (استديو)، هذا الواقع يفاقم من معاناة السوريين.

 ونتيجة لذلك، وبحسب الطالب الجامعي محمد النجار، يمتنع غالبية السوريين عن الزيارات المنزلية المتبادلة، ويفضلون رؤية بعضهم البعض في المقاهي.

 وخلال حديثه لـ"اقتصاد"، يرى النجار الذي يدرس اللغة التركية في جامعة عينتاب، في ارتياد السوريين للمقاهي "شراً لا بد منه"، ويوضح ذلك بالقول، "أسعار المقاهي مرتفعة جداً، وهي تشكل مصروفاً زائداً، لكن مع ذلك لا يستطيع السوري التخلي عنها".

 وينتشر في عينتاب، المدينة التي تعتبر من أكثر المدن التركية استيعاباً للاجئين السوريين، الكثير من المقاهي السورية، لكن ومن خلال رصد "اقتصاد" للأسعار تبين أن لائحة الأسعار في هذه الأخيرة تشابه إلى حد كبير نظيرتها في المقاهي التركية.

 ويتراوح سعر فنجان القهوة الواحد في المقاهي الشعبية السورية من 3 إلى 5 ليرات تركية، ويعتبر هذا السعر مرتفعاً بالقياس إلى دخل الغالبية العظمى من اللاجئين السوريين، خصوصاً وأن غالبيتهم (العمال) يتقاضى مرتباً لا يتعدى حاجز الـ1000 ليرة تركي شهرياً.

حسين، نادل سوري في مقهى شعبي سوري، عزا ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع الإيجارات، والمصاريف الأخرى (الضرائب وغيرها)، وقال لـ"اقتصاد"، "مقارنة بالمقاهي التركية تبدو أسعارنا الأكثر تهاوداً، لكن مع ذلك هي مرتفعة بالمقارنة مع دخل السوريين".

لكن حسين بالمقابل أشار إلى أن زيارة المقاهي تشعر السوريين بالراحة، وخصوصاً أن الأجواء المريحة التي تشيعها هذه المقاهي، تخفف عن السوريين الكثير من آلام الغربة التي يعايشونها يومياً.

ترك تعليق

التعليق