مسؤول سابق في النظام يقارب الوضع الاقتصادي في سوريا مع يوغسلافيا السابقة


كتب الدكتور دريد درغام، مدير عام المصرف التجاري السابق والمقرب من النظام، على صفحته في "فيسبوك"، متحدثاً عن الوضع الاقتصادي في يوغسلافيا التي تفتت في بداية التسعينيات، في محاولة لإيجاد مقاربة بينها وبين الوضع في سوريا، ولكن دون أن يشر إلى ذلك صراحة.

 وبيّن درغام أن يوغسلافيا، "استنزفت احتياطات القطع الأجنبي وفرضت قيوداً على المواطنين عند رغبتهم بصرف ما أودعوه من عملة أجنبية في المصارف. ولم تستفد الدولة من خلق منافذ التدخل الإيجابي التي نادراً ما كانت تلتزم بالسياسات العقيمة للخفض المعلن للأسعار ومعظم السلع كانت تجد طريقها للسوق السوداء. وتميز الوقود في تلك السنوات بانتشار عبواته على جوانب الطرق الرئيسية ونضوبها في المحطات الرسمية. فحاول السكان التحول إلى النقل العام الذي انخفض أسطوله من 1200 باص إلى 500 بسبب نقص الموارد المتواصل مع صعوبة تحصيل التعرفة من قبل جابي الباص بسبب الازدحام. ومع نقص الوقود توقفت أو تباطأت حركة الشاحنات والاسعاف والمطافئ وتجميع القمامة وحرم المزارعون من الوقود اللازم للزراعة والحصاد. وزادت مشاكل المجاعة ونقص الموارد وسوء التنظيم والحفر بالطرقات ومشكلة انخفاض قيم التحصيل اللاحق لفواتير الماء والكهرباء والاتصالات والضرائب وأعمال البناء وزيادة البطالة وأعباء انتظار مقاصة المدفوعات؛ ولم يحلها إلقاء اللوم على العقوبات والحصار الغربي كما لم تحلها إجراءات الحكومة باستخدام رصيدها من القطع أو وضع إجراءات وضوابط إدارية لمعرفة المتجاوزين المزعومين لتعليمات الحكومة ولم تنفع عمليات تقنين الكهرباء كما أن اقتراح الدينار الجديد بقيمة تعادل مليون دينار قديم (ولاحقاً مليار وبعدها أكثر) لم تنفع بتاتاً بل زادت الأسعار في عام 1995 عما كانت عليه في 1993 لتصل إلى 5 ملايين مليار ضعف!، فتحطمت البنية المجتمعية وأصبحت السرقة أمراً طبيعياً فنهبت المشافي وغيرها وأصبحت واجهات الأبنية المسروقة معارضاً لبيع ما سُرق منها. وكانت الدولة تجد صعوبة في تسديد رواتب المتقاعدين الذين كانت قدراتهم الاستهلاكية تتآكل كلما تأخر قبض مرتباتهم إلى اليوم التالي. فحل المارك الألماني مكان العملة الوطنية في ظل ارتفاع يومي للأسعار بنسبة الضعف".

 وأضاف درغام، "لم تكن هذه الظواهر حالة فريدة ليوغوسلافيا فقد مرت بها العديد من البلدان بطريقة أو أخرى. ومنها من وجد الطريق بقبول الدولرة (غالباً ما يتم على حساب الشعب). ومنهم من وجد برامج الإصلاح الحقيقي التدريجي (وما أكثرها لمن يرغب بنفض الغبار عن الكتب وتجارب الماضي في ظل حروب أو أزمات حقيقية أو لا). وهي برامج توقف سحق إمكانات الناس في مدحلة التضخم؛ وتجعل الساسة الاقتصاديين مسؤولين فعلياً وليس شكلياً أمام الشعب (مصدر السلطات) على أمل إجبارهم على الامتناع عن ارتجال القرارات والتوقف عن سياسات التجريب.. وإلا ستجد الدول التي تعتقد بأنها في مأمن من مثل هذه السيناريوهات نفسها في عين الإعصار الاقتصادي وهو الأشنع من حيث القوة التدميرية..".

ترك تعليق

التعليق