4 أسباب لارتفاع اللحوم في المعضمية، أحدها غريب

يوماً بعد يوم، وأسبوعاً بعد أسبوع .. كانت أسعار اللحوم في مدينة معضمية الشام ترتفع وترتفع، لتحقق في نهاية المطاف، رقماً قياسياً وسعراً باهظاً لا تستطيع القدرة الشرائية للمواطن "المعضماني" أن تتحمله، أو أن تهضمه على أي حال.

8 آلاف ليرة سورية، هذا ما استقر عليه سعر الكيلو الواحد من لحم الغنم أو البقر أو العجل، والرقم مؤهل للارتفاع في أي وقت، لاسيما في ظل الظروف المأساوية الراهنة للمدينة التي لم يدخل إليها رأس ماشية واحد منذ عيد الأضحى الماضي.

ما هو سبب هذا الارتفاع؟

وهل نفدت رؤوس الماشية التي كانت في 2015 تتجاوز الـ 10 آلاف رأس بين البقر والغنم والماعز؟

ثم يأتي السؤال الأهم.. كيف يأكل الناس في المدينة اللحم علماً أن راتب الموظف لا يكفي لشراء 3 كيلو من اللحم في الوقت الراهن؟

* إغلاق الطريق هو السبب

في نهاية العام الماضي أغلق النظام معبر معضمية الشام الذي كان مفتوحاً بشكل جزئي لشهور ثلاثة.

وحتى اللحظة ما يزال المعبر مغلقاً، الأمر الذي يعتبره عبد الرحمن، "السبب الرئيسي في ارتفاع اللحوم، إنه سبب واضح يا أخي، النظام يمارس عملية منع إدخال المواشي كجزء من حصاره على المدينة، لاحظ.. حتى عندما فتح الطريق جزئياً لم يسمح النظام إلا بدخول عدد لا يتجاوز العشرات من الغنم لعلمه أنها سوف تذبح سريعاً بمناسبة عيد الأضحى".

ويضيف عبد الرحمن الذي امتنع عن شراء اللحم منذ الموجة الأخيرة لارتفاعه، "منذ الشهر الثاني لـ 2015 لم يدخل الغنم ولا اللحم المذبوح أو المثلج أو حتى المعلب، تصور حتى التونا والسردين والمرتدلة كانت محظورة عندما فتح المعبر، أنا لم أدخل محل لحام منذ أصبح كيلو اللحم بـ 4 آلاف ليرة، هذا حرام، وأظن أن معظم الناس مثلي".

* الجمعيات الإغاثية هي السبب

"تريدها بصراحة وبكل وضوح.. المجلس المحلي والجمعيات الخيرية هي سبب غلاء أسعار اللحم"، يقول أحد اللحامين.

ويضيف عمر (30 عاماً)، بينما لا تكف يداه عن تقطيع وفرم أوقية من اللحم طلبها أحد الزبائن، "الجمعيات تشتري الماشية والبقر بالعشرات ونظراً لأنها تمتلك الدعم الكافي فإنها تدفع أسعاراً غير مدروسة، إنها لا تناقش في السعر وهذا ما يجعل أصحاب المواشي طماعين إلى درجة كبيرة".

ويلف عمر أوقية اللحم بقطعة من الورق إذ لا يوجد لديه أكياس من النايلون، ثم يعطيها للزبون.

"والله العظيم أنا أشتري اللحم بـ 8 آلاف وأبيعه بنفس السعر، شغلنا كله على البركة، نحن نتعب ولكن لا نحصد إلا القليل".

* ليس صحيحاً

بدورنا، حملنا هذه الشكوى ووضعناها أمام  مختار أبو أسامة الذي يعمل ضمن مؤسسة إغاثية في المدينة، فأجاب: "لا يمكن أن نقول إننا نحن من رفعنا الأسعار، نحن لا نشتري كميات كبيرة كما أننا ندرس الأسعار قبل عملية الشراء، يقولون نحن رفعنا الأسعار!، إن هذا غير صحيح على الإطلاق".

وأضاف أبو أسامة: "لدينا الآن بقرة واحدة وقد ذبحنا بقرة منذ أيام، نحن نشتري بالمعقول".

وأنهى حديثه بالقول: "سبب الارتفاع هو عدم توفر الطعام الكافي للمواشي وهذا رفع أسعار الأعلاف والتبن وبالتالي ارتفع سعر اللحم".

* الدخان هو السبب!!

وحده الناشط الصحفي أبو أحمد أعطى جواباً غريباً عن هذا السؤال، إذ أكد بكل ثقة أن الدخان هو السبب.

وقال أبو أحمد: "ارتفع سعر الدخان إلى 4 آلاف ليرة وهو اليوم في هذه المدينة العمود الفقري للاقتصاد، يذهب المواطن ليشتري كيلو رز مثلاً فيعطي البائع عشرة سجائر فيستقر بيع كيلو الرز على ألفي ليرة، وهكذا بإمكاننا القياس على هذا الأساس في قضية ارتفاع سعر اللحم".

* ما هو مصير الماشية؟

أحد مربي الأبقار قال إن ظروف الحصار المريرة أرغمته على ذبح كل الأبقار التي كانت تعج بها حظيرته.

ويؤكد عمار بالقول: "ارتفعت الأعلاف كثيراً وقلت المواد التي تحتاجها البقر كالشعير والفول والخبز اليابس وغيرها، إن البقرة التي كانت تحلب 40 كيلو يومياً ما عادت تحلب 3 كيلو".

ويضيف عمار: "لقد ذبحت بقراتي أخيراً وارتحت وأرحتهن.. حتى البقر تجوع في هذه المدينة!".

* لا يشتري اللحوم

مع حبه للحم المشوي واللحم بالصينية يؤكد أسامة (44 عاماً) أنه قاطع هذه المأكولات متذ وقت طويل.

ولأن أسعارها باهظة وغير مقدور عليها، يقول أسامة: "من أين أحصل على المال لشراء هذه الأشياء، لقد غدت كالحلم بالنسبة للكثيرين".

وعلى عكس أسامة الذي أعلن نباتيته حتى يرخص اللحم يذهب المشترون إلى دكان أبو أدهم حيث تعج بهم الدكان بالعشرات، لا سيما في الليل.

يقول أبو أدهم الذي طوّر وسائل متعددة لتصريف بضاعته المرتفعة السعر: "الحصار ونفاد الأطعمة المختلفة يجبر الناس على ارتياد محلاتنا على الرغم من الغلاء، أنا هنا أبيع اللحم المشوي والكباب، هذا في حال وجود الخبز لدى المشتري، أما في غير ذلك فأطلب منه إحضار مقدار من البرغل وأضع مثله من اللحم في الفرامة ثم أقرصه وأشويه على النار، وهذا ما يشكل لدينا الكبة المشوية".

وبالفعل تمكن أيو أدهم من إحراز السبق في كل المدينة في بيع اللحوم والكبب المشوية.

ويتحدث أبو أدهم حول تجربته: "لدينا طبق آخر وهو الرأس والسجقات، حيث أطلب من المشتري مقداراً من الرز وأنظف هذه الأشياء وأحشوها ثم أطهوها على النار، إنها أكلة شعبية مشهورة ويتوافد الناس تباعاً لتسجيل أدوارهم في هذه الأكلة".

* في نهاية المطاف

مهما كان السبب في غلاء اللحم فإنه سيبقى مرتفعاً، طالما أن الحصار على المعضمية ما يزال متربصاً وجاثماً من دون حراك.

لقد انقسم أربعون ألف نسمة في المدينة حول شراء اللحوم أو الامتناع عن شراء هذه السلعة المكلفة، ولكن الأكثرية بالتأكيد، تقف في صف النباتيين الذين آثروا البرغل والرز والحمص على أطباق المشاوي والكباب والسجقات.

وستبقى هذه المقاطعة، على حد قولهم، حتى إشعار آخر.

ترك تعليق

التعليق