في جاسم بدرعا.. إضاءة على مركز "بسمة أمل" للدعم النفسي والاجتماعي للأطفال

بهدف تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لبعض الأطفال، ضحايا الحرب المشتعلة في سوريا منذ أكثر من خمس سنوات، وإعادة الأمل إلى نفوسهم بأن القادم من الأيام قد يكون  أفضل، أطلقت مجموعة من الشباب المختصين بالدعم النفسي  في مدينة جاسم في ريف درعا الشمالي الغربي، مؤخراً، العمل في مركز "بسمة أمل" للدعم النفسي والاجتماعي للأطفال.

وقال بلال دنيفات، المدير العام  للمركز، إن "إطلاق العمل في المركز يأتي استجابة للحاجة الملحة للدعم النفسي للأطفال، بعد أن لاحظنا أن بعض الاضطرابات النفسية قد بدأت تظهر على بعضهم نتيجة تأثرهم بالحرب وأعمال العنف المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات، حيث تجلت هذه الاضطرابات بالخوف والقلق والخجل والعدوانية والكره وحالات أخرى، ما انعكس ذلك وبدى جلياً وواضحاً في التأخر الدراسي والتباعد والتنافر الاجتماعي بين الأفراد، الأمر الذي  دفع مجموعة من الشباب المختصين في مدينة جاسم، للتصدي لهذه المشكلات والعمل على التخفيف قدر المستطاع من الضغوط النفسية التي يتعرض لها الأطفال، ومساعدتهم  على التلاؤم مع محيطهم والاندماج في المجتمع لمتابعة حياتهم الطبيعية".

وأوضح الدنيفات أن "أنشطة المركز ونفقاته تمول من تبرعات الأعضاء، وأن المركز يفتقر إلى أي دعم مادي، رغم مراسلة العديد من المنظمات والهيئات لدعم أنشطته، لكنه لم يتلق أي دعم من أية جهة رغم حاجته الماسة لذلك".

وأشار إلى أن المركز يشهد إقبالاً كبيراً من  قبل الأهالي، الذين باتوا  يحرصون على إرسال أولادهم إليه، بعد النتائج الجيدة التي لمسوها، والتغيرات الإيجابية الكبيرة التي طرأت على سلوك أطفالهم.

مالك السهو، أمين سر المركز، قال بدوره أن "المركز يقدم الدعم النفسي للأطفال الذين تأثروا بالحرب بشكل أكثر من غيرهم"، لافتاً إلى أن أنشطة المركز تقوم على  فرز الحالات النفسية  المتطورة وعلاجها لدى أطباء مختصين إضافة إلى سعي المركز لتنفيذ برامج دعم نفسي لذوي الاحتياجات الخاصة في المناطق المحررة والتي لم تلق الدعم المناسب حتى الآن، إضافة إلى تنمية المواهب ورعايتها، من خلال عدة فعاليات كالرسم والتمثيل والغناء.

 وبيّن السهو أن "الكادر العامل في المركز يتكون من نحو 20  متطوعاً من  المختصين في العلوم التربوية والنفسية والاجتماعية ورياض الأطفال والتربية الفنية والموسيقى بينهم عدد من أصحاب الخبرات في الدعم النفسي والاجتماعي"، لافتاً إلى أن المركز يقدم برنامجاً مكثفاً لعلاج الأطفال، كبرامج العلاج بالتمثيل، وأساليب البقاء، ومناطق اللعب الآمن، وبرنامج بناء الأمل.

وأكد السهو أن عدد المسجلين في المركز من الأطفال ما بين 6 سنوات و14 سنة بلغ حتى الآن نحو 350 طفلاً، وأن العدد في ازدياد، ما يتطلب توفير إمكانات مادية وعينية كبيرة، داعياً المنظمات والهيئات المحلية والعربية والأيادي الخيرة إلى دعم فعاليات وأنشطة هذا المركز لأهميته في تمكين الأطفال وتسريع دمجهم في المجتمع والنشاط الاجتماعي.

 من جهته، قال يوسف صوايا، مدير الأنشطة في المركز، أن "الأطفال في المركز يمارسون عدة أنشطة وبرامج وضعها مختصون في المركز وفق رؤى محددة، وهي تبدو في ظاهرها أنشطة  ترفيهية، لكنها تهدف إلى الوصول إلى أعماق الطفل، وتعمل على تحسين مزاجه وسلوكه مع مفردات محيطه كالأهل والأقران، ومن ثم تعمل على إعادة دمجه وانخراطه في البيئة التي  كان يعيش فيها، ولاسيما بعدما تعرض له الأطفال من  تنقل نتيجة عمليات النزوح المتكررة بفعل الحرب"، لافتاً إلى أن المختصين في المركز  يولون مهارات تعزيز الذكاء والانتباه اهتماماً كبيراً، حيث يقدمون مجموعة من الأنشطة التي تساعد على زيادة التركيز، وتعزز التعاون وروح العمل ضمن الفريق الواحد، وتكرس التعاون والعمل الجماعي في حل المشكلات التي تواجه الفرد، إضافة إلى ذلك، فمن خلال هذه الأنشطة يتم التعرف على مهارات الأطفال ومواهبهم في مختلف الأصعدة، ويتم العمل على تنميتها وتعزيزها.

الطفل قيس صلاح السهو، 13 عاماً، قال أنه سعيد في الانتساب للمركز، وأنه يجد فيه الكثير من الألعاب المفيدة، وأنه يمضي وقتاً ممتعاً مع رفاقه في المركز، مشيراً إلى أن الكادر التعليمي يقدم الكثير من الأنشطة المفيدة، وأن الأطفال يُعاملون من الكادر التعليمي، "بكل محبة وحنان، ويشعر أنه داخل أسرته".

فيما قال الطفل أسامة فيصل الحارون، 10 سنوات، أنه وجد مكاناً جميلاً لممارسة هوايته التي يحب، لافتاً إلى أنه يحب الرسم  كثيراً، وأن المعلمين هنا يساعدونه في تنمية موهبته.

 وأشار الطفل أسامة إلى أن الملاحظات التي يوجهها معلم الرسم تفيده كثيراً، وأن أداءه قد تحسن وأصبح يرسم بشكل أفضل، كما وأنه يقضي وقتاً ممتعاً برفقة أصدقائه الذين تعرف عليهم في المركز.

وتقول الطفلة آية فراس الجباوي، 8 سنوات، أنها باتت تشعر بالأمان وهي مع أقرانها، لافتة إلى أن الأطفال يلعبون ويمرحون، وأن المركز مليء بالألعاب الحلوة والجديدة والرياضة والتمثيل وأن المعلمين يتعاملون مع الأطفال كأنهم أطفالهم، ويساعدوهم بكل الأنشطة.  

تجدر الإشارة إلى أن ملايين من الأطفال السوريين كانوا قد تعرضوا للعنف بشكل أو بآخر، نتيجة ممارسات قوات النظام وأجهزته القمعية منذ انطلاقة الثورة السورية وحتى اليوم، ولعل أطفال درعا الذين خطوا بأناملهم الصغيرة شعارات إسقاط النظام ورأسه، هم أول من تعرض لهذا القمع بأن قلعت أظافرهم، ما يجعلهم يبقون مثالاً حياً على عنف وجبروت وظلم هذا النظام البائد، مثلهم كمثل الملايين من أطفال سوريا الذين باتوا يحتاجون إلى دعم وعلاج  نفسي واجتماعي، نتيجة لتلك الممارسات.

ترك تعليق

التعليق