على وقع الهدنة.. أسواق درعا تشهد انخفاضاً في بعض الأسعار

شهدت مناطق درعا المحررة خلال الأسابيع القليلة الماضية، انفراجاً في الأسعار، وحركة نشطة لبعض الأسواق، وذلك تزامناً مع دخول الهدنة المعلنة بين قوات النظام من جهة، وفصائل المعارضة المسلحة من جهة أخرى، حيز التنفيذ، رغم سيطرة حالة من الخوف والتوجس حيال الوضع العام نتيجة عدم الثقة باستمرار الهدنة، التي كانت ومازالت تبدو هشة ومتوقع انهيارها في أي لحظة.  

ويقول أحمد، تاجر مشتقات نفطية، إن "توقف الأعمال القتالية وعمليات القصف، ساعدا في التحرك بين المناطق ولاسيما ما بين شرق المحافظة وغربها، رغم وجود بعض المعوقات"، لافتاً إلى توفر معظم المشتقات النفطية في مختلف مناطق المحافظة، وبأسعار أقل مما كانت عليه قبل الهدنة المعلنة.

وأشار إلى أن سعر ليتر البنزين انخفض من 300 ليرة سورية إلى نحو 250 ليرة سورية، بينما وصل سعر ليتر المازوت المنتج عن طريق النظام إلى نحو 225 ليرة سورية، فيما بلغ سعر ليتر المازوت المنتج عن طريق "الدولة الإسلامية"، والذي توجد منه كميات كبيرة في المحافظة نحو 125 ليرة سورية، بينما بلغ سعر جرة الغاز نحو 3800 ليرة سورية، حيث كان سعرها قبل الهدنة نحو 4500 ليرة سورية، مؤكداً أن معظم أسعار المشتقات النفطية هبطت ما بين 10 و 25 بالمائة.

من جهته، أكد عدنان، وهو تاجر مشتقات نفطية بالمفرق، إن "كميات كبيرة تصل إلى المناطق المحررة من هذه المواد، ولم تعد هناك قيود كبيرة على وصولها"، لافتاً إلى أن الأرباح التي يجنيها عن كل ليتر مقبولة، وتحقق له حسب كميات المبيعات اليومية، دخلاً مقبولاً، رغم الوضع الاقتصادي الصعب للمواطنين.

إلى ذلك، شهدت أسواق الخضار انخفاضاً كبيراً بالأسعار، مقارنة مع فترة ما قبل  الهدنة، رغم أن مستوى الأسعار العام ما يزال مرتفع نسبياً.

 وينطبق ذلك على أسواق الجملة و المفرق، ما انعكس على الحالة العامة للمواطنين، حيث يشير المشهد العام والمتابعة اليومية لأحوال الناس، إلى أن هناك ارتياحاً كبيراً في صفوف المواطنين لسير الهدنة، التي اعتبرها الكثير من المواطنين فرصة لالتقاط الأنفاس، والشعور بالأمان، ولو لفترة قصيرة منذ سنوات.

وأشار أحمد، وهو بائع خضار وفواكه، إلى أن "الخضار باتت متوفرة في الأسواق بسبب حالة الهدوء نتيجة الهدنة"، مضيفاً أنه يذهب لجلب كميات كبيرة من الخضار والفواكه من أسواق طفس وتل شهاب ونوى إلى المنطقة الغربية، وأن الأمر أصبح أكثر يسراً من قبل.

وقال إن سعر مبيع الكغ من البندورة يبلغ  نحو 225 ليرة سورية والخيار 385 ليرة سورية والبطاطا 240 ليرة سورية، والفول الأخضر 200 ليرة سورية والبصل 350 ليرة سورية والخس 75 ليرة سورية، والملفوف 90 ليرة سورية، والباذنجان 240 ليرة سورية، والبصل الأخضر 175 ليرة  سورية، لافتاً إلى أن الفواكه حافظت على أسعارها حيث بلغ سعر الكيلوغرام من الموز نحو 350 ليرة سورية، والتفاح 250 ليرة سورية، والبرتقال 125 ليرة سورية، والموملي 140 ليرة سورية، فيما وصل سعر كيلو الليمون الحامض إلى نحو 325 ليرة سورية.


وقال إن "أسعار الخضار شهدت انخفاضاً ملحوظاً خلال هذه الفترة مقارنة بفترة ما قبل الهدنة فيما حافظت الفواكه على معظم أسعارها".

من جهته، أشار ركان، وهو بائع فروج، إلى أن أسعار الفروج المذبوح انخفضت من 750 ليرة سورية إلى 675 ليرة سورية، مشيراً إلى أن ذلك يعود إلى توفر الفروج في مناطق قريبة من أماكن الاستهلاك حيث كانت تلك المناطق قبل الهدنة ساحات معارك لكنها الآن ورغم بعض الرشقات النارية هنا وهناك تعتبر مناطق هادئة نسبياً ويمكن الوصول إليها.

وأضاف أن "انخفاض أسعار المشتقات النفطية التي تبعها انخفاض أجور السيارات الناقلة، انعكس على  انخفاض أسعار الفروج"، فيما أشار إلى ثبات أسعار اللحوم الحمراء عند 2500 للخروف، و 3000 ليرة سورية للحم العجل، الذي لازال يتفوق بسعره على لحم الخروف، بسبب صعوبة الحصول عليه في مناطق شهدت تهريب آلاف الرؤوس إلى الدول المجاورة.

بدوره، قال أحمد، وهو مواطن من مدينة نوى، "إن الحياة عادت تقريباً إلى دورتها الطبيعية، وأسواق المدينة تعج بالمتسوقين"، لافتاً إلى أن أسواق المدينة أصبحت تعمل ليلاً إلى ساعات متأخرة نسبياً، رغم الحذر الشديد من الاستهداف من قبل قوات النظام القريبة الموجودة في مدينة الشيخ مسكين.

وأكد أن "أسعار المواد أصبحت مقبولة بالرغم من تسارع ارتفاع الدولار أمام الليرة".  

وأشار سامر، وهو تاجر مواد استهلاكية، إلى أن "ارتفاع أسعار الدولار وانخفاض قيمة الليرة السورية أمامه، أثرت بشكل كبير على معظم المواد الاستهلاكية المستوردة والمهربة من مناطق النظام, ولاسيما السمون والزيوت والسكر والشاي"، منوهاً إلى أن الارتفاع هذه المرة ليس كبيراً، بعد أن أصبح بالإمكان التحرك إلى أبعد من المناطق المعتادة سابقاً، وتوفر خيارات وأسعار شراء مختلفة.

وأوضح أن "التاجر في سبيل الحصول على المواد كان ملتزماً بمدينة أو قرية معينة لعدم القدرة على التحرك أبعد من ذلك بسبب الاستهداف، لكن الأمر تغير الآن مع الهدنة رغم الشعور بعدم الأمان لأن قوات النظام لا عهد ولا مواثيق لها".

وأضاف سامر: " أصبح التاجر يصل إلى أماكن جديدة كان الوصول إليها صعباً".

إلى ذلك، وتزامناً مع الهدنة، شهدت بعض المناطق المحررة بدرعا أعمال ترميم لبعض المنازل، ومشاريع بناء جديدة، رغم ارتفاع أسعار مواد البناء.  

وأشار المواطن عفيف من المزيريب، إلى أن "منزله تعرض لقذيفة من قبل قوات النظام فأحدثت خراباً فيه"، لافتاً إلى أنه قام بترميم الخراب كونه لا مكان آخر للذهاب إليه رغم تكاليفه العالية بسبب غلاء مواد البناء.

وعندما سألته عن احتمال استهدافه مرة أخرى قال: "كله على الله والله هو  الحامي".

فيما أكد أبو أحمد، متعهد بناء، أنه "تعهد تنفيذ بناء عدة محلات تجارية لإحدى الجهات في المنطقة الغربية، وأن المشروع قد قطع مرحلة كبيرة من الانجاز"، لافتاً إلى أن الناس تعودت على الوضع العام ولم تعد تنظر إلى حجم المخاطر، لأنه حسبما قال: "الكل يجاهد في سبيل رغيف الخبز ومع تواصل الخوف لن يتم انجاز أي  شيء".

الهدنة في جنوب سوريا فعلاً فرضت نفسها، والتزمت بها فصائل المعارضة رغم خرقها مئات المرات من قبل قوات النظام، التي لم تكتف بقصف المناطق الآهلة بالسكان فحسب، بل حاولت التسلل والدخول إلى بعض المناطق لإعادة السيطرة عليها، فيما المواطن الذي يعيش الخطر والخوف منذ أكثر من خمس سنوات، وأمام الشعور ببعض الأمان، بدأ يعود إلى دورة حياته الطبيعية، وبدأ يبحث عن مصادر رزق تؤمن له بعضاً من احتياجاته، رغم شعوره أن حالة الأمان هذه قد لا تدوم طويلاً.

ترك تعليق

التعليق