"غابريلا جدو".. شابة سورية تكافح وصم "غوغل" لـ حمص بالتطرف

لم تعش الشابة المغتربة "غابريللا جدو" سوى ليوم واحد في مدينة حمص عندما كانت لا تزال في الثالثة عشرة من عمرها، ولكنها عندما كبرت احتفظت بذكرى جميلة عن هذه المدينة العريقة الساحرة، وعندما انتقلت إلى ألمانيا وحققت نجاحات مهنية أرادت أن تطلق على شركة سياحية خاصة بها اسم "أميسا" وهو الاسم اليوناني القديم لحمص غير أنها اصطدمت بعدم الموافقة على الاسم لأنه حسب اللجنة المخولة بالموافقة "يرتبط بالتطرف واللجنة لا تدعم مشاريع سياسية ولا تدعم التطرّف".
 
مضى على وجود غابريللا في ألمانيا 4 سنوات وعملت إلى جانب عملها الأساسي مع شركة سياحية ببرلين في مجال الترجمة من اللغة الألمانية إلى العربية، وأثناء سفرها مع فريق من الشركة إلى معرض دبي للسياحة خطرت بذهنها فكرة إنشاء مشروع يخدم السياح العرب كونها تتقن اللغة العربية والتعامل مع الثقافة العربية وتعرف العادات والتقاليد في دول الشرق الأوسط والخليج.
 
في الشهر السابع من العام الماضي قررت جابريللا أن تترك الوظيفتين وتتفرغ لفكرتها الجديدة التي تتمثل في ربط العالم العربي -وبشكل خاص دول الخليج- بألمانيا سياحياً، مستفيدة من اتقانها اللغة العربية لإطلاق برامج سياحية تناسب المسافرين العرب، إضافة إلى استفادتها من إتقان اللغة الألمانية لتسهيل زيارتهم إلى ألمانيا، غير أنها اصطدمت بعقدة "غوغل" لدى اختيار اسم أميسا لمشروعها.

تقول لـ"اقتصاد": "علمت أن هناك مساعدات من بلدية /بريمن/ ببرلين للمشاريع الصغيرة فقدمت الأوراق المطلوبة وكانت الموظفة في غاية السرور للفكرة لأنها تدعم السياحة في ألمانيا"، ولفتت غابريللا إلى أن الموظفة المذكورة وقبل أن تعطي موافقتها على طلب التقديم سألتها سؤالاً بسيطاً خارج عن نطاق الموافقة أو الرفض ويتعلق السؤال بمعنى اسم "أميسا"، فأجابتها أنه الاسم التاريخي لمدينة حمص حالياً.


وتتابع محدثنا أن الموظفة المذكورة "أبدت سعادتها للفكرة والتسمية مبدئياً وتعلقي بتاريخ بلدي ووعدت بأن ترسل الموافقة خلال أيام قليلة بعد الحصول على توقيعات اللجنة المختصة بمساعدة المشاريع الخاصة".

بعد أسبوع من تقديم المشروع تواصلت صاحبة الفكرة مع الموظفة المذكورة وسألتها عن سبب تأخر الموافقة ففوجئت بها تسألها مجدداً عن سبب اختيارها للاسم وما علاقته بالوضع الحالي في حمص، مشيرة إلى أن "اللجنة أجرت بحثاً عن اسم حمص من خلال /غوغل/ ووجدت الاسم بغض النظر عن التاريخ متعلق بالتطرف"، لافتة إلى أن "اللجنة لا تدعم مشاريع سياسية ولا تدعم التطرّف".
 
أصيبت صاحبة الفكرة -كما تؤكد- بخيبة أمل كبيرة لدى سماعها هذا الخبر والتصور المغلوط عن المدينة التي أحبتها: "تخيلت ما الذي يمكن أن يكونوا قد قرأوه أو رأوه عن حمص"، مضيفة أن "تشويه اسم سوريا إجمالاً بالإرهاب والتطرف وحمص معها"، أصابها برعب شديد.
 
حاولت "غابريللا جدو" أن توضح للموظفة أن أميسا هو الاسم التاريخي اليوناني لمدينة عريقة وكانت عبر الأجيال مهد للحضارات الآرامية والسريانية والعربية.

منوهة إلى كونها سريانية ولكنيسة السيدة العذراء أم الزنار، التي تقع وسط حمص، مكانة خاصة عند السوريين عموماً والسريان بشكل خاص، مؤكدة للموظفة أن "الاختيار ليس له أي علاقة بالتطرف بالعكس تماماً، إنه مجرد إظهار العراقة والتاريخ لمدينة سورية فقط".


آنذاك طلبت الموظفة من غابريللا أن تدوّن هذا الكلام برسالة للّجنة ليقرأوه ويقرروا ما يجب فعله، موضحة لها أن الرسالة "يجب أن تكون بمثابة تعهد خطي بأنها بعيدة عن كل ما هو سياسي"، وهذا ما حصل.

ولفتت صاحبة الفكرة إلى أن "هذه النظرة المسبقة تجاهنا كسوريين هو دليل على عدم معرفة الشعب الأوروبي بأحداث سوريا وافتقارهم لأي فكرة عن بساطة وطيبة هذا الشعب"، وهم-كما تقول- "يجهلون للأسف أن سوريا وحمص بالذات مثال حي على تمازج وتعدد كل الأديان والطوائف التي تعايشت فيها لآلاف السنين، وهذا يفسر– بحسب رأيها- عدم اهتمام الشعوب بما يجري للسوريين الذين يستحقون الحياة والحرية والكرامة".

و"جابريللا جدو" من مواليد القامشلي 1977 درست الصف العاشر في مدرسة القادسية هناك، وانتقلت مع عائلتها إلى ألمانيا حيث أكملت شهادتها الثانوية وتفوقت بمهنة مساعدة طبيب أسنان ثم درست التجارة والاقتصاد في إحدى الجامعات الألمانية قبل أن تتفرغ لمشاريعها ونشاطاتها المميزة في مجال السياحة.
 

ترك تعليق

التعليق