مهن الزمن السوري الصعب

لم تترك الحرب أمام هؤلاء من خيارات كثيرة للحياة، وكذلك هوس النظام بزج الشباب في أتون حربه على الشعب جعل كثيرين منهم يعملون متوارين أو مضطرين لدفع أتاوات للحواجز وسيارات التفييش المتنقلة التي تجوب العاصمة أو تقف عند مداخلها.

 انعدام فرص العمل الحقيقية بسبب ترهل مؤسسات النظام، وتفضيله لموظفين من المؤيدين أو ما يسميهم (ذوو الشهداء) ترك الكثيرين يبحثون عن مهن أخرى يعتاشون منها، وبعضهم ترك دراسته ليعمل في فرن أو مطعم ليعيل عائلته، ويتمكن من الانفاق على دراسته، وفي حالات الاضطرار يكون قادراً على دفع الرشاوى للشبيحة والأمن.

صاج الخير

(اياد) شاب يعمل في بيع معجنات الزعتر والمحمرة الجبنة، ويرى أنها رزق الله الذي أرسله له، ومع ذلك اضطر لنقل بضاعته إلى مكان آخر بعد أن صادرت شرطة المحافظة بضاعته السابقة مع أنه يدفع المعلوم (الرشوة) لكن يبدو أن هناك من دفع أكثر منه فصودرت بضاعته.

يقول (إياد) إن هذا الصاج، ويشير إلى صاج صناعة الخبز المشروح، هو (صاج الخير) الذي يعطيني رزقي ورزق عائلتي، فكل شيء أصبح غالٍ والحياة باتت صعبة في العاصمة.

يبيع الشاب الدمشقي وفق ما يراه مناسباً لأوضاع الناس، فأغلب زبائنه من طلاب الجامعة وموظفيها، ولكن أسعار المواد الأولية ترتفع كل يوم.


سندويشة (رأس الخاروف)

هي من الوجبات الدسمة، والغالية بنفس الوقت، لأن أسعار لحم الغنم صارت (في العالي) كما يقول أحد الزبائن، ولكن صاحب البسطة يبتسم ويقول الحمد لله على الصحة والعافية، والرزق على الله، وهذه الوجبة الدمشقية بامتياز ليست سوى ألسنة الخراف وقليل من اللحم المسلوق الذي ينتج عن لحم الرأس، ولكن طريقة صنعها هي التي تعطي النكهة المميزة مع قليل من (مرق) الرأس المسلوق والخضار والليمون، وهي مفيدة كما يقول الزبائن وتمنح طاقة لمتناولها، وأغلب الزبائن من العاملين في صيانة السيارات الذين يبذلون جهداً عضلياً.


معروك الصباح

أغلب من يعمل في بيع (المعروك) هم من الأطفال أو اليافعين، وهي قطع مغمسة بالشوكولا أو التمر مصنوعة من العجين الناضج الذي يغطيه السمسم أو حبة البركة، وهي تلقى قبولاً بين الموظفين وأصحاب الدخل المحدود لأنها تعطي بعض الشبع بسبب طعمها حلو المذاق، والتمر الذي يعطي طاقة، وسعرها المقبول، 50 ليرة للقطعة.

يقول أحد الباعة: "كنا نبيع كميات أكبر وبسرعة، وكان سعر القطعة بين 5- 10 ليرات ولكنها الحرب، فقد تضاعفت الأسعار، ونحن ربحنا قليل، ونشتريها من محال صناعة الحلويات بهامش ربح قليل، ونعلم أوضاع الناس فكلنا (في الهوا سوا)".

أفضل من الجوع

يرى أبو أحمد، وهو بائع دخان تهريب، أن الحياة تحتاج إلى بعض الصبر لأن اليأس لمن لديه مسؤولية عائلة سيقود حتماً إلى الجوع خصوصاً أن حال البلاد لا يسر.

أغلب السوريين العاديين من أصحاب الدخول البائسة باتوا كالمتسولين يقبلون بأي عمل بائس، ويتنقلون بين مهنة وأخرى من أجل الوصول فقط إلى حد الكفاف، بعد أن أغرق النظام البلاد والعباد في نفق أسود لا تبدو نهايته قريبة.

ترك تعليق

التعليق