الوشم.. لماذا يُقبل عليه الشباب بدمشق؟


رغم أجواء الحرب التي تعيشها ضواحي دمشق ومدنها القريبة لازال الكثير من الشبان يرتادون أكشاك ومحلات الوشم لينقشوا صورة رفيق لهم قُتل أو عشيقة أو ربما نقشوا رموزاً دينية، وانتشرت مظاهر الوشم بين صفوفهم مما حوّل أجسادهم إلى لوحات متنقلة تحمل الكثير من الرموز ذات الدلالات الخاصة والغامضة والخادشة للحياء في كثير من الأحيان.

 وأكثر من يقبلون على طريقة "التزيين" هذه هم شبيحة النظام بهدف إضفاء هالة خلّبية من القوة والصلابة على مظهرهم الخارجي. وبعضهم يلجأ للوشم لينقش وشوم لا تُمحى بسهولة بأسماء معارفه وأصدقائه ممن قتلوا خلال الحرب.

ونشرت وكالة فرانس برس منذ أيام صورة لـ "شبيح" ضخم الجسم طويل اللحية مستلقياً على كرسي جلدي بينما يكتب آخر ملأت الوشوم جسده أيضاً على يد الأول أسماء منها: "علي وماهر". كما نشرت بعض الصفحات الموالية صورة لشخص يبدو في العقد الثالث من عمره عاري الصدر تماماً ذي لحية كثة وبطن متكرّش يتدلى أمامه، وعلى صدره وشم صورتين لبشار الأسد وباسل الأسد وفوق الصورة عبارة "لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار"، وفوق صورة باسل على الجانب الأيمن من صدره كلمة الحارث التي لا نعرف المقصود بها، هل هي كنية له أم لقب، أما فوق صورة رأس النظام، فكتب جملة (يا خضر حيدرة).

"طه الجمال"، أحد الوشامين المعروفين في دمشق يعمل على طبع صور معينة بعد أن يحدد مكانها على الجسد، ثم يقوم بزرق الألوان داخل بشرة الجسم عن طريق إبرة مثبتة إلى غلاف خارجي لقلم جاف عادي، مربوط في نهايته بمحرك مسجلة صغير يدفع الإبرة حالما يتصل قطبا المحرك ببطارية صغيرة، وبهذه الطريقة تدفع الإبرة الحبر إلى الأمكنة المحددة المراد حقنها داخل الجلد، راسمة الشكل الذي يريده الزبون.

 وأشار طه لـ"اقتصاد" عبر "سكايب" إلى أن "هذه العملية تتطلب دقة متناهية وتستغرق من ساعة إلى ساعتين تقريباً حسب مهارة الواشم وصعوبة أو سهولة الرسم، ولا يجب أن يقوم بهذه العملية أي شخص لا يمتلك جرأة وخبرة كافيتين".

وعن طبيعة الرسومات التي يختارها زبائنه عادة، يضيف الشاب الوشّام: "هناك أنواع عدة من رسومات الوشم أغلبها رسومات من الطبيعة، فالبعض يختار الرسومات التي تعبر عن القوة والصلابة، وأحياناً القوة الشخصية التي تعبر عنها رسومات مثل الجماجم والأفاعي والعقارب، وهناك بعض الشبان الذين يأتون إلي لاختيار الرسومات التي تعبر عن الحب، وبعضهم يقلد مشاهير النجوم في رسوماتهم المجنونة سواء كانت من فروع الشجر أو الورود في مناطق ظاهرة من الجسد، وهناك من يطلب أن يكون الوشم حرفاً معيناً أو اسماً لمعشوقته الوهمية أو الحقيقية".

 ولما سألناه عن إقبال مؤيدي النظام على وشم أجسادهم وما هي الوشوم التي ينقشونها عادة، رفض الجمّال الإجابة عن السؤال وسكت عن الكلام "غير المباح".

وحول تفسيره لظاهرة الوشم وإقبال شريحة واسعة من الشباب عليه، يرى الدكتور حسان المالح- استشاري الطب النفسي السابق في جامعة دمشق- لـ"اقتصاد"، أن "لأنواع الموضة المتعلقة بشكل الجسم وأجزائه أو زينة الثياب وملحقاتها جاذبيتُها الخاصة بالنسبة للشباب والشابات، ومن المفهوم أن يبحث الشاب أو الشابة عن القبول الاجتماعي من الآخرين، وأن يكون موضع اهتمام وانتباه منهم، وأن يكون متميزاً وله وجوده الخاص المستقل ولذلك يلجؤون للوشم كوسيلة لتحقيق ذلك".
 
وبدوره، أكد الباحث الاجتماعي الباحث النفسي، د . طلال عبد المعطي مصطفى، لـ" اقتصاد"، أن "هناك حالات من الوشم تكون ناتجة عن إحباطات وحالات نفسية معينة فيأتي الوشم كنوع من التغيير والتقليد ويكون بمثابة متنفس لهذه الحالات، وقد يكون هذا الوشم بعد فترة من التقبل الاجتماعي سبباً لرفض تلك الشخصية في حال إقدامها على الزواج ما يسبب إحساساً بالندم واضطرابات نفسية تؤثر على مجرى حياتها".

ترك تعليق

التعليق