البيئة السورية.. هتكها النظام قبل الحرب، ودمرها خلالها

ويستمر نظام الأسد في توصيف البلاد على أنها جنة الله على الأرض، وأن سوريا من كل جهاتها تعيش حالة رخاء، وأن ما يجري فوق أرضها من انتهاكات وقتل ما هي إلا غيمة صيف عابرة. ويحاول جاهداً مع حفنة مروجيه رسم الصورة الناعمة لبلاد دمرت في أغلبها وهجر أهلها، ومن أجل هذا يقيم الندوات ومعارض الكتب والسيارات والألبسة، ويشارك في منتديات حلفائه الإيرانيين والروس وأتباعهم.

آخر ما حررته أيدي هذه الحفنة الضالة ورشتي عمل بالتعاون مع الشبيبة واليونسيف لرفع سوية الوعي البيئي، وتعزيز المشاركة المجتمعية في العمل من أجل حماية البيئة.

نفاق ترويجي

وزارة البيئة هي حدث جديد في سوريا اختُرع حين رفع النظام شعارات التطوير والتحديث، وأما على الأرض فمارس النظام وأعوانه من تجار بأصنافهم المختلفة كل أنواع القسوة والتدمير قبل الثورة، وبعدها هدمت طائراته البنية التحتية المتماسكة، ولوثت أسلحته البيئة الطبيعية جواً وبراً وبحراً.

وزيرة البيئة تكذب وتبرر إقامة هذه الورش بقولها: "الورشات تسعى إلى تدريب كوادر شبابية قادرة على بناء سوريا المتجددة وذلك من خلال تنفيذ مبادرات وحملات توعية هادفة لحماية البيئة وتعزيز مشاركتهم في العمل من أجل الحفاظ على الموارد الطبيعية  وترسيخ مفهوم المواطنة البيئية وتشجيعهم على العمل التطوعي".


الغوطة قبل الحرب

 من عربين إلى حرستا وعمق الغوطة لم يترك النظام أي مكان فيها دون أن يلوثه، وهذا ما ساهم في إغراق التربة فيها بكافة أنواع السموم، وهذا ما فعلته الدباغات والجلود والدماء الناتجة عن عملية الدبغ طوال عقود رفض فيها النظام ومؤسساته نقل الدباغات بعيداً عن بردى مصدر المياه لسقاية مزروعاته، وهذا ما أدى إلى حالات مرضية نتيجة لعمليات السقاية التي لا بديل لها لدى فلاحي الغوطة.

الأمر الأكثر خطورة كان في انتشار مئات معامل الرخام في منطقة عربين حيث شكلت كميات الطمي الرخامي الناتج عن عمليات الانتاج إلى تشكيل مساحات كبيرة من الأراضي الكلسية، وتحول اللون الخضر إلى أبيض مما استدعى شكاوى كثيرة لم تجد إذناً صاغية لأن من منح هذه التراخيص هم المرتشون في البلديات ومحافظة ريف دمشق، وكان من الممكن تلافي هذه الكارثة البيئية بفرض مستلزمات شروط الانتاج الصحي وهي في أن يقوم المعمل بالعمل على إقامة حفر تنقية الطمي والمياه الملوثة ومن ثم نقلها إلى أماكن أخرى وعدم رميها في النهر.

أضف إلى ذلك مشروع الصرف الصحي الذي تحول من مشروع عملاق إلى أكبر ملوث للغوطة، وصار الفلاحون يسقون مزروعاتهم بمياه الصرف الصحي بالتواطؤ مع حراس المجرى مما أدى إلى تلوث وكوارث صحية.

هواء العاصمة الأسود

الداخل إلى دمشق من كل جهاتها يشاهد بالعين المجردة الغمامة الكبيرة السوداء التي تغطيها في الصباح الباكر، وكل التشريعات البيئية والقوانين التي تعاقب السائقين وتحدد فحوصات المحركات لم تجدِ نفعاً بسب الجهاز الوظيفي المرتشي من شرطة ومحاكم سير، وحتى وزارة البيئة المفترضة.

بالمقابل زاد عدد السيارات في العاصمة، ولم تستبدل السيارات القديمة بالشكل الذي يسمح بالحفاظ على نسبة تلوث في حدودها الدنيا، والحرب سمحت لأعوان النظام بامتلاك سيارات عبر سرقتها وهذا ما زاد حجم الكارثة.

الحكومة التي تسير الأمور لم تستطع استبدال السيارات العاملة على المازوت بسواها التي تعمل على البنزين والغاز، وتحدثت عن مشاريع بيئية مختلفة بقيت حبراً على ورق.

المشاركة الشعبية.. بالموت فقط

ما تقدم هو مجرد أمثلة بسيطة عن الخراب الذي عاثه البعث ودولته في سوريا، وهناك أمثلة كبرى منها دفن النفايات النووية، والسلاح الكيماوي الذي استخدم في الغوطتين والشمال السوري، وما نتج عن كل هذا من أضرار على الإنسان وبيئته.

وبالعودة إلى ورشتي العمل قالت مديرة التوعية والإعلام في وزارة البيئة أن الغاية منها "تعزيز المشاركة المجتمعية في الحد من المنعكسات السلبية على البيئة في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها بلدنا الحبيب"،.. ولكن الحقيقة الوحيدة أن الشعب يشارك فقط بتقديم أبنائه على مذبح الحرية، أو موتاً تحت الأنقاض التي تخلفها الطائرات الروسية على كامل الأراضي السورية.

ترك تعليق

التعليق