"بوابيري" المعضمية


في أحد شوارع المدينة، وبين عدة محلات دمرت بعد أن عاثت فيها مدفعيات النظام فساداً، منذ فترة ليست ببعيدة، تقع دكان أبو سمير (45 عاماً) والتي بدت أشبه بخرابة قديمة من آثار الشحم على جدرانها.

ويلقب أبو سمير بالبوابيري، نسبة إلى المهنة التي يعمل بها منذ عشرين عاماً، وها هو الآن يعود إليها مجدداً.

ورث أبو سمير تصليح البوابير عن أبيه منذ عقدين من الزمن، وتعود هذه الصنعة إلى بداية القرن التاسع عشر، ويستخدم البابور في طهو الطعام بدلاً من الغاز ويعمل على مادة الكاز.


 العودة إلى البابور

في ظل الحصار الذي تعيشه مدينة معضمية الشام عاد الناس إلى استخدام البابور من جديد ولكن ليس كالمعتاد، إذ يقول أبو سمير: "الجميع يستخدمون البابور في الطبخ لأن الغاز مفقود من المدينة".

وحول المادة المستعملة في تشغيل هذه الأداة القديمة يوضح أبو سمير لـ "اقتصاد": "كان الناس في السابق يستخدمون الكاز في تشغيل البابور وربما استخدموا مادة المازوت لأن اشتعالها أبطأ ما يوفر عليهم الكمية المستخدمة، أما الآن استبدل الناس هذه المواد  بالخلطة".


ولا يبدي أبو سمير ارتياحه لمادة الخلطة إذ يقول: "احتراق هذه المادة سريع، ناهيك عن الرائحة الحادة التي تنبعث منها أثناء الاشتعال".

ويصر أبو سمير على التأكيد بالقول: "إنها ضارة جداً".

 صعوبات الصنعة

كمهن كثيرة قديمة عادت مهنة البوابيري أو ما كان يعرف بـ "السمكري". وتواجه هذه الصنعة صعوبات جمة في إيجاد قطع الغيار، "كالرؤوس والفالات والنكاشات وغيرها"، يوضح أبو سمير.

وخلال جلوسنا معه كان البوابيري أبو سمير يرد أكثر زبائنه بالقول: "لا توجد هذه القطعة.. ابحث عن واحدة مستعملة لدى أحد جيرانك".


وهكذا أبدى الرجل أسفه لنا وهو يقول: "مع أنني أعمل في تصليح البوابير لكنني لا أستطيع أن أخدم الناس كما ينبغي لعدم توفر الإمكانيات".

وأخيراً.. ربما أتاح الحصار لهذا الرجل أن يرجع إلى أحضان مهنته التي عشقها إلى حد التقديس لأنها من تراث أجداده، فهو يقول: "البابور تراثنا وهو الأصل".


ترك تعليق

التعليق