"جنون التشظي".. 70% من السوريين في فقر شديد


أصدر المركز السوري لبحوث السياسات تقريراً عن الاقتصاد السوري لعام 2015 تحت عنوان "جنون التشظي"، والذي يرصد فيه آثار الحرب على الاقتصاد وعلى المجتمع السوري، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وقدر المركز حجم الخسائر الاقتصادية لسوريا منذ بداية الأزمة حتى نهاية عام 2015 بنحو 254.7 مليار دولار، منها نحو 59.6 مليار دولار خسائر مقدّرة خلال العام الماضي، وبذلك فإن إجمالي الخسائر تعادل بالأسعار الثابتة ما نسبته 468% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد خلال عام 2010.

وبحسب بيانات المركز وتقديراته، التي استندت في جانب هام إلى نتائج مسح السكان الذي جرى عام 2014، فإن خسائر الناتج المحلي الإجمالي تمثّل ما نسبته 64,1% من إجمالي الخسائر الاقتصادية، فيما استحوذت أضرار مخزون رأس المال على نحو 26,4%، إلا أن اللافت في تفاصيل الخسائر التقديرات المتعلقة بالإنفاق العسكري للنظام والتي قدرها المركز حتى نهاية العام 2015  بـ  14.5 مليار دولار، بنسبة تصل إلى 5.7% من إجمالي الخسائر.

على صعيد المؤشرات الاقتصادية الكلية، تشير تقديرات التقرير إلى أن استمرار ضخامة العجز التجاري المسجل في العام الماضي، الذي بلغت نسبته نحو 27.6% من الناتج المحلي الإجمالي، "وضع الاقتصاد السوري في حالة من الانكشاف، واستهلاك للاحتياطيات الأجنبية، وبالتالي تراكم عبء الديون الملقاة على كاهل الأجيال التالية".

 كذلك كان حال البطالة التي تجاوز معدلها في العام الماضي نحو 52,9%، إذ بلغ "عدد العاطلين من العمل 2,91 مليون شخص، منهم 2,7 مليون فقدوا عملهم خلال الأزمة، ما يعني فقدان مصدر رئيسي لدخل والتأثير في معيشة نحو 13,8 مليون شخص".

وهذا كان كافياً، إلى جانب عوامل أخرى، ليؤدي إلى ارتفاع معدل الفقر ليصل إلى نحو 85,2%، فيما نسبة من يعيشون في فقر شديد تصل لنحو 69.3% من السكان، وهؤلاء "غير قادرين على تأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية الغذائية وغير الغذائية، كما بات نحو 35% من السكان يعيشون في فقر مدقع"، أي إنهم "غير قادرين على تأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية الأساسية. ويتفاوت مستوى الفقر بين المحافظات، ويزداد الوضع سوءاً في مناطق النزاع والمناطق المحاصرة ".

 وبالنسبة للخسائر البشرية اعتبر التقرير أنها هي الأقسى في مسيرة الحرب، إذ مع نهاية عام 2015، وصل "معدل الوفيات إلى حوالى 10 بالألف، وعدد الجرحى إلى نحو 1.88 مليون نسمة، أي إن ما يقرب من 11.5% من السوريين، إما قد فقدوا حياتهم أو أنهم جرحى ومصابون".

و"مع الأخذ بعين الاعتبار تدهور النظام الصحي والخدمات الصحية"، فإن سوريا تواجه "كارثة إنسانية، تتجلى في التراجع الكبير في متوسط العمر المتوقع عند الولادة من 70,5 سنة في عام 2010، إلى ما يقدر بـ 55,4 سنة في 2015".

أما بالنسبة لأعداد اللاجيئين السوريين في الخارج، فقد اعتبر التقرير أن الأرقام المتداولة مبالغ فيها كثيراً  و"مسيسة " مشيراً إلى أنه استناداً إلى مسح حالة السكان لعام 2014 فإن "العدد الإجمالي للاجئين السوريين بلغ نحو 3,11 ملايين شخص في نهاية عام 2015". وهذا أدى بطبيعة الحال إلى " تفريغ البلد من السكان، حيث تراجع عددهم من 21,80 مليون شخص في داخل البلاد في عام 2010 إلى 20,44 مليون شخص بحلول نهاية عام 2015". علماً أن عدد سكان البلاد كان سيصل إلى 25,59 مليون نسمة لو لم تحدث الأزمة، أي أن عدد السكان تراجع بنسبة 21% مقارنة بعددهم المقدر في حال عدم حدوث الأزمة.

داخلياً، أشار التقرير إلى أنه اضطر نحو 45% من السكان مع نهاية العام الماضي إلى مغادرة أماكن سكنهم، بحثاً عن الأمان أو الظروف المعيشية الأفضل في أماكن أخرى، إذ بلغ عدد النازحين داخلياً نحو 6.36 ملايين نسمة، مع الإشارة إلى أن العديد منهم اضطر إلى النزوح مرات عديدة.

وفي مجال التعليم، أطلق التقرير تحذيرات من الصعوبات الهائلة التي يواجهها القطاع، ولا سيما "مع وصول نسبة الأطفال غير الملتحقين بالتعليم الأساسي إلى 45.2%، وذلك من إجمالي عدد الأطفال في هذه الفئة العمرية"، كما "قُدّرت الخسارة في سنوات الدراسة بنحو 24.5 مليون سنة، أي ما كلفته 16.5 مليار دولار أميركي، وهذه تشمل خسارة في رأس المال البشري المرتبط بالتعليم".

ترك تعليق

التعليق