مشروع "مشاعر" في الأردن.. لمعالجة الأطفال السوريين من أعراض نفسية ناتجة عن الحرب

إذا أردت أن ترى مستقبل أي أمة أو حضارة فانظر إلى حال أطفالها, فسوريا خير شاهد، التي عانى أطفالها من ويلات الحرب ومآسي النزوح واللجوء, وشاهدوا الدمار والخراب, ومنهم من ذُبح أهله أمامه بوحشية لم تعرف البشرية مثيلاً لها, سُرقت منهم ابتسامتهم وأحلامهم البريئة.

لذلك قامت مبادرات عدة للاهتمام بأطفال اللاجئين السوريين في الأردن سواء من الناحية النفسية أو الترفيهية والتربوية, محاولة تخفيف آثار الحرب التي ألقت بظلالها على أرواحهم و نفسياتهم, من خلال برامج تتضمن التعليم والدعم والترفيه.

منظمة "لأنك إنسان"، التي تُعنى بإعادة تأهيل الأطفال السوريين ودعمهم نفسياً, نفذت مشروع "المشاعر"، الذي تحدثت عنه لـ "اقتصاد"، أروى المقداد، المشرفة على المشروع، موضحة أنه مشروع دعم نفسي واجتماعي للأطفال السوريين في الأردن, أما الشريحة العمرية المستهدفة فهي من سن 6-12 سنة, والفئة فهم الأطفال الذين خرجوا من الحرب في سوريا، حيث يعانون من مشاكل نفسية واجتماعية كثيرة.

تضيف أروى أن المشروع عبارة عن 12 لقاء مع الأطفال يتم خلالها تأكيد تنمية التفاعل الإيجابي والتعبير عن مشاعرهم الداخلية من خلال اللعب, وكيف يستطيعون التعامل مع الشعور بالخوف والوسائل الإيجابية للتغلب عليه, بالإضافة إلى تحديد أماكن الخوف وتنمية القدرة على التخيل, وكيف يتعاملون مع الحزن إضافة إلى مفهوم المكان الآمن، وقدرتهم على الإحساس به، ناهيك  عن معالجة مشاكل الانطواء والخجل.

تشير أروى إلى أن هناك الكثير من الحالات التي استجابت للعلاج والرعاية النفسية، وهناك حالات متأزمة تحتاج إلى مزيد من المتابعة, فالمشاهد المترسخه في أذهان الأطفال مؤلمة جداً.

فالطفله سهى، عمرها 11 سنة، تعرضت منطقتها بسوريا للقصف الشديد، وعلى إثرها خرجت العائلة للأردن, وأصبحت الطفلة تعاني من القلق الشديد، خوف بشكل كبير، عصبية، ضعف تركيز، تجنب الناس، التعلق بوالدتها والخوف عليها كثيراً، التعرق، صعوبه النوم والأرق، التفكير بالمستقبل كثيراً والخوف على عائلتها.

تم العمل على علاج الطفلة، لكن لم تبدي أي تحسن، والسبب البيئة السيئة التي تعيش فيها, بالإضافة لوالدها الذي لا يعمل وتوجد مشكلات أسرية كبيرة، وبسبب المشاكل العائلية لم تكمل الطفلة جلسات العلاج، ولم تتحسن الطفلة أبداً.

أما أسعد، فهو طفل عمره ست سنوات، تعرض لقذيفة هو ووالده، وأصيب بشظايا على إثرها أصبح الطفل يعاني من الكوابيس والتبول اللاإرادي، ويسترجع مشهد القذيفة دوماً، ويتحدث عنه خلال اللعب, يتجنب الخروج من المنزل، ويغلق الأبواب والنوافذ دائماً.

عانى من هذه الأعراض فتره ثلاثة أشهر حتى خرج من سوريا، وخضع للعلاج النفسي. وكان الطفل يعاني من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (ptsd), وقد تحسن بالعلاج، وبدأت الأعراض تتلاشى تدريجياً خلال 12 جلسة، تحسن بعدها تحسناً ملحوظاً.

نشاطات مختلفة يقوم بها البرنامج في النادي من رسم ولعب وتمثيل لبعض المشاهد التي مرت مع الأطفال يستمتع من خلالها الأطفال، يتعلموا ويمرحوا.

مبادرات تعليمية وترفيهية للأطفال السوريين في الأردن, تقوم عليها منظمات غير ربحية، تعمل على رسم البسمة على وجوه أطفال أخذت براءتهم حرب، كانوا فيها هم الخاسر الأكبر.

ترك تعليق

التعليق