ليلة رأس السنة السورية


الليلة لن تكون مختلفة على السوريين بغالبيتهم، ليست ليلتهم الفريدة، ولن يكون هناك أي معنى لدقات الساعة عند الثانية عشر، فالغياب سيد البيت ففي كل ركن غائب، ولن يستذكروا فيه إلا الدموع التي ذرفوها في عام ملتهب.. عام طغت الدماء على الدموع، وحسب الإحصائيات الأممية قتل في سوريا عام 2015 ما يقارب 55000 شخص.. فأي سنة جديدة يأملونها؟، وكيف استقبلوا رأس السنة الراحلة؟

مناقب 2015

وضع أبو معن من ريف دمشق على صفحته مناقب السنة التي تمضي، والتي شهدت زيادة بأسعار أغلب السلع الرئيسية ووصل فيها الدولار إلى 400 ليرة سورية، ونضب الماء، وانقطعت الكهرباء عن أحياء العاصمة وريفها لساعات تتجاوز العشرين في اليوم، ومن مناقبها أيضاً أن فصول السنة تغيرت وتبدلت، والحطب صار حلماً بـ 50000 ليرة.

محاولة تعداد المناقب بشكل كوميدي تخفي المرارة في صدور المواطن الذي باتت الحياة حوله شبه معدومة في ظل نظام لا يستطيع أن يحمي مواطنيه بل على العكس يمارس عليهم كل وسائل العنف والإهمال.

يقول أبو فادي من جديدة عرطوز: "كانت سنة كبيسة.. طحنتنا بكل مفاصل حياتنا، والليلة ستكون مثالاً لما يجري في سوريا فلا مازوت في بيتي من شهر، والحكومة الكاذبة تعدنا بتوزيع حصتنا لكن الشبيحة يصادروها وتوزع على مساكن (سرايا الصراع) أمام أعيننا جهاراً نهاراً".

جاره مراد يقول بأن التلفزيون السوري سيحتفل بعيد رأس السنة، وسيدعو مطربيه مثل (علي الديك وأخوه حسين) ليغنوا ويهتفوا باسم القائد بينما نحن نرتجف من البرد، وإخوتنا في القامشلي يذبحوا ويقتلوا، في حلب الدمار على رؤوس البشر وفي ريفها من قبل الطائرات الروسية.

حتى المؤيدين.. (درب يسد ما يرد)

ليسوا فرحين، وفي باب توما لن تقام الأفراح كما كانت، الحزن يسيطر بعد تفجيرات مطاعم القامشلي، ومنذ بداية الثورة يتعاطف المسيحيون مع إخوانهم، ويحتفلون في بيوتهم فقط، والكنائس تقيم الشعائر دون صخب فقط الأدعية والتبتلات وإن كان بعضها يدعو للمجرم ولكن قلوب الناس تعلم بما يرسم لبلد السلام من خراب.

سعاد من باب توما تقول وتقسم: "والله أنا حزينة، ليس هذا العام فقط، بل من أول قطرة دم سورية، وهناك من ينافق النظام ولكننا جميعاً نعلم حقيقة ما يجري ومن يطلق علينا قذائف الهاون، ويجعل من بيوتنا متاريس وخنادق إنه النظام وعساكره، وباب توما صارت للندب واللطم بعدما كان السوريون بكافة أطيافهم يرونها محطة للفرح والتسوق".

سنة الحصار.. والجوع.. والغرق

بامتياز هي سنة الحصار والجوع، سنة الدمار الذي طال كل الوطن بقراه ومدنه، وسنة التدخل الروسي المجرم إلى جانب الطاغية، والصور التي تأتي من دوما ومضايا والمعضمية وكل الريف الصامد المحاصر تشي بسنة خانقة لا ترحم.

سنة مجرمة بكامل مواصفاتها عندما يصل سعر وجبة طعام إلى مئات الآلاف، حينما يعرض مواطن بيع سيارته بـ 5 كيلو حليب، وحين يبيع السوري كل ما يملك ثمن تذكرة سفر إلى الموت عبر زورق متهتك.

ترك تعليق

التعليق