"عوامات" حي الميدان الدمشقي تتكلم.. وحلويات لبنان تتألم


 لا يبدو على اللبنانين اليوم، وهم يتسوقون حلوياتهم إحتفالاً بأعياد الميلاد ورأس السنة، أي قناعة بصحة المثل القائل "زيوان بلدنا ولا قمح الغريب"، فقمح غريبهم الذي جاء لاجئاً من حي دمشقي منكوب هو حي الميدان، عاد لينشر سنابله في حارات لبنان وأزقتها، ويتحول لعجين تصنع منه أنواع حلويات جديدة ربما عرفها اللبنانيون من قبل، لكنهم لم يتذوقوا سحر طعمتها ولذة مذاقها، بعدما عجنت بأصابع سورية حملت ما حملت من الأنقاض يوماً، وشتلت الورد على قبور الشهداء، أياماً وأيام.. أصابع أبدعت بعجن الحزن والمرارة البارحة، لن يصعب عليها أن تعجن أشهى الحلويات اليوم لتدهش هذا الشعب "الفينيقي" الذي يقف على الحياد في كل شيء، ما عدا ما يخص بطنه وشهوته للأكل.

عوامات الميدان.. سر كأسرار الفراعنة

 في لقائه مع محمد بكر، أبو حسين، القادم من حي الميدان الدمشقي، علم "اقتصاد" أنه هو الموزع الوحيد لحلويات العوامة على كبريات المحال في لبنان، وأن طلبات الحجز على كميات منها تزداد يوماً بعد يوم، مؤكداً أن حلوياته تنافس بشدة في السوق اللبنانية، وعليها إقبال شديد نظراً لرخص ثمنها، ولذة طعمها.


 وأكد أبو حسين أن مقادير حلويات العوامة معروفة للجميع، فلكل كيلو طحين نضع 25 غرام خميرة، ونضيف الماء حسب الطلب، أما مادة "القطر"، فتتألف من مكيالين من السكر مضاف إليها مكيال واحد من الماء ورشة من حمض الليمون، ثم تتم عملية الغلي على النار لمدة ربع ساعة. لكن أبو حسين يحتفظ بسر في صنعته هذه لا يطلع عليه أحد، هو ذاته ذلك السر الذي كان سبباً في تميزه ونجاحه وتفوقه على كافة المنتجين لحلوى العوامة.

 منشأة العوامة.. صاج وملعقة وبرميل للقطر
 
لا تحتوي منشأة أبو حسين لصناعة الحلويات التي افتتحها أمام أحد المحلات، على كثير من التجهيزات والآلات، فأدواته هي فقط، صاج كبير يملأه زيتاً وتتم فيه عملية القلي، وملعقة خاصة "لنقف" قطع العوامة إلى الصاج، و"النقف" هو قذف قطع العوامة لمقلى الزيت بسرعة وبأعداد كبيرة ومتتابعة، وقدر كبير مملوء بمادة "القطر"، لتغمر فيه قطع العوامة بعد قليّها، لتتشرب بمادة الحلو.

 قول.. على قول

 مستشهداً بقوله تعالى "كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل، إلا ما حرم إسرائيل على نفسه"، يبرر أبو حسين موقفه بتحريم كل أنواع الحلوى على نفسه إلى أن يعود لأرض حيه الغالي حي الميدان، ويعد الشعب اللبناني بحلويات جديدة يحضر لها الآن ومصنوعة من مادة عجينة "المعكرونة"، هذه المادة التي يجمعها من المخيمات السورية والتي تأتيهم عبر كراتين المساعدات، وتزيد عن حاجتهم اليومية.


ترك تعليق

التعليق