جبلة.. العلويون يقاطعون أسواق السُنة ويفتتحون أخرى خاصة بهم

 بعد حوالي خمس سنوات من الثورة، يختلف الواقع الاقتصادي والمعيشي الذي تعيشه مدينة جبلة اليوم عما كان عليه حال المدينة قبل أربع سنوات أو حتى قبل قيام الثورة السورية في آذار 2011.

 فمدينة جبلة التي تقع على الساحل السوري بين مدينتي بانياس جنوباً واللاذقية شمالاً، وتمتاز بطابعها السكاني المتنوع، أصبحت اليوم قسمين، قسم هو الأحياء السنية والتي يعتبرها النظام أنها معارضة بسبب انطلاق المظاهرات من أحيائها، وقسم هو الأحياء الموالية والتي يسكن فيها العلويون الموالون للنظام.

 وللوقوف على واقع المدينة الاقتصادي والمعيشي، أكد مصدر خاص لـ "اقتصاد" من داخل مدينة جبلة، أن هناك تبايناً واختلافاً في الحياة الاقتصادية والمعيشية بين مناطق السنة ومناطق العلويين، إذ تشهد أسواق العلويين حركة جيدة وازدحاماً يومياً على شراء جميع أنواع السلع الغذائية وغيرها، بينما تشهد أسواق السنة، وهي الأسواق الرئيسية داخل المدينة، كسوق البيض وسوق النوفوتيه، حركة خفيفة.

(صورة للسوق الرئيسي في المدينة أو شارع القلعة)

ويعود السبب فيما سبق، حسب المصدر، إلى مقاطعة العلويين الموالين للنظام لتلك الأسواق والتي كانت تعتمد كثيراً عليهم، كعقاب لأصحابها السُنة المحسوبين على الثورة، وفتح أسواق جديدة لم تكن موجودة من قبل في شارع الملعب وشارع المحكمة وحي الجبيبات وحي العمارة، إضافة إلى انتشار البسطات والأكشاك التي يقدمها النظام لذوي قتلاه من العلويين في تلك المناطق، واحتلالها للأرصفة والشوارع.

(صورة تظهر انتشار البسطات في شارع الثانوية في جبلة)

 أما عن أسعار السلع، فهي في ارتفاع مستمر في كل أسواق المدينة وخصوصاً في مثل هذه الأيام التي تسبق عيد رأس السنة الميلادية، فعلى سبيل المثال يصعب على المواطن متوسط الدخل تناول صحن فواكه في منزله، فالموز بـ 500 ليرة والبندورة 350 ليرة، والباذنجان 400 ليرة، والكوسا وصل إلى الألف ليرة، وكيلو الرز بـ 375 ليرة، والسكر 250 ليرة، وقنينة زيت القلي بـ 500 ليرة.

 وأضاف المصدر، أن بعض السنة من أصحاب المحال التجارية أغلقوا محلاتهم الواقعة في السوق الرئيسي للمدينة، وهاجروا خارج سوريا، ومنهم من قام بتأجيرها للتجار الحلبيين وجلس في منزله، وذلك بسبب عمليات الابتزاز والسرقة اليومية التي تمارسها ميليشيا الدفاع الوطني والشبيحة وعناصر الأمن على أرزاقهم، فعناصر تلك الميليشيات يدخلون إلى أي محل من تلك المحال ويحملون ما يشاؤون بسطوة السلاح والترهيب الذي وصل كذلك حتى إلى أصحاب البسطات الفقراء من أبناء المدينة.

(سوق الكراج القديم، أحد أهم الأسواق المزدحمة التي يرتادها العلويون الموالون للنظام)

 وفي سياق متصل، تابع المصدر لـ "اقتصاد" أن أهالي المدينة في الأحياء السُنية المعارضة يعانون من شتى أنواع الحصار الاقتصادي والمعيشي، فقد أوقف النظام ما يسمى (بونات الإعاشة) عن الكثير من أهالي المدينة، بحجة أن أبنائهم معارضون أو معتقلون أو مقاتلون مع الثوار، كما انتشرت الحواجز الأمنية في تلك الأحياء والتي طورت من أساليبها في سرقة أبناء المدينة وابتزازهم بحجة التدقيق الأمني والبحث عن مطلوبين.

 يضاف إلى ذلك انتشار البطالة بين من بقي من شباب المدينة الذي يخشى الخروج من أحيائه خوفاً من الاعتقال، وانتشار ظواهر تشرد الأطفال والتسول في الشوارع، بسبب قدوم الكثير من النازحين الفقراء إلى المدينة، والذين تُسرق المساعدات المقدمة لهم من قبل الأمم المتحدة وتذهب في غالبيتها إلى قرى ريف جبلة الموالية، كتعويض من النظام لأهاليها بعد مقتل الكثير من أبنائهم في المعارك مع الثوار، كما يباع جزء من هذه المساعدات في أسواق ومحلات العلويين.

يذكر أن مدينة جبلة كانت من أوائل المدن التي ثارت ضد النظام في أحيائها السنية، الأمر الذي عرضها لنقمة النظام وأفرعه الأمنية التي قتلت العشرات من أبنائها واعتقلت المئات ممن ما يزال مصير أغلبهم مجهولاً، وتهجير الكثير من العوائل والشباب إلى دول الجوار.

ترك تعليق

التعليق