"اسكن ببلاش بس خلي عينك منها".. إحدى مستجدات سوق العقارات بدرعا
- بواسطة عمر الشيخ محمد – خاص - اقتصاد --
- 23 كانون الأول 2015 --
- 0 تعليقات
شهدت أسعار العقارات والأراضي في درعا، خلال سنوات الثورة الخمس، تغيراً نوعياً، إذ ارتفعت الأسعار ارتفاعاً ملحوظاً في مناطق كانت تعتبر الأرخص، فيما انخفضت في مناطق أخرى كانت تعتبر الأعلى أسعاراً في محافظة درعا.
وبهذا الصدد، أشار أبو علي، صاحب مكتب عقاري، إلى أن العقارات في المدن الرئيسة، درعا ونوى وازرع والصنمين، كانت الأعلى سعراً مقارنة مع الريف، لكنها أصبحت الآن، ومنذ انطلاق الثورة وتبادل السيطرة على المناطق بين النظام والمعارضة، تخضع للارتفاع والانخفاض حسب الأوضاع الميدانية في تلك المدن، لافتاً إلى أن الشقق السكنية والأراضي الزراعية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام باتت أسعارها رخيصة، بسبب قيام الأخيرة بالتضييق على السكان، ومحاولة ترحيلهم إلى مناطق أخرى، بحجة وقوعها تحت مرمى الفصائل المسلحة.
وقال أبو علي، "يحاول الناس الآن ترك منازلهم أو بيعها بأقل الأسعار، مقابل الخروج من البلد"، وينتشر في درعا مبدأ "اسكن ببلاش بس خلي عينك منها، أي الشقة أو المنزل". ويلفت أبو علي إلى أن صاحب الشقة أو العقار يضطر لبيع عقاره بسبب الحاجة إلى الأموال أو يرهنها مقابل أموال تغطي مصاريف سفره فقط ، علماً أن ثمن الشقة أو العقار يكون أعلى من السعر الذي يُباع به عادة، تحت ضغط الحاجة.
بدوره، يقول أبو عبادة، وهو سمسار عقارات، إن أسعار العقارات هي ذاتها الآن، كما كانت قبل العام 2011 بداية الأزمة، ولكن ما جعلها ترتفع أو نراها مرتفعة، هو هبوط قيمة الليرة السورية أمام الدولار، إذ بلغت قيمة الدولار نحو 400 ليرة سورية، فالشقة التي كانت تباع في مدينة درعا بمليون ليرة سورية، أصبح سعرها الآن أكثر من 6 مليون ليرة سورية، مشيراً إلى أن ارتفاع أسعار مواد البناء، وعدم توفرها، وتوقف حركة البناء والعمران خوفاً من أن تُستهدف من قبل قوات الأسد في بعض الأماكن، أسهم في ارتفاع أسعار العقارات والمحلات التجارية في أماكن أخرى.
واستطرد أبو عبادة بأن أسعار الشقق والعقارات ارتفعت في المناطق الهادئة التي تحررت من سلطة النظام، والتي يتوقع أن يكون لها مستقبل سكني أو تجاري وفق القراءات السياسية لمستقبل المنطقة، ولاسيما في القرى والبلدات القريبة من حدود الدول المجاورة، ففي بلدة الشجرة مثلاً، على الحدود السورية الأردنية، ارتفع سعر دونم الأرض الزراعية التي تسمى "انتفاع"، حسب قانون الإصلاح الزراعي، من خمسين ألفاً قبل الأزمة، إلى نحو 700 ألف ليرة سورية اليوم، هذا فيما وصل سعر الدونم الزراعي المسجل بشكل رسمي باسم مالكه /طابو/، إلى نحو مليون ليرة سورية في المناطق القريبة من المدينة، إذا كان صالحاً للبناء، لافتاً إلى أنه قد تم بيع محل في السوق الرئيسي، مساحته عشرين متراً مربعاً, بنحو 5 ملايين ليرة سورية، فيما تصل قيمة الشقة /ثلاث غرف ومنتفعات/ إلى نحو 7 ملايين ليرة سورية.
من جهته قال السمسار، محمد الحسين، "إن عمليات بيع العقارات عادة ما تتم بالاتفاق بين البائع والمشتري، ويتم تسديد الثمن حسب الاتفاق بالدولار أو بالليرة السورية"، مشيراً إلى أن كثيراً من صفقات بيع العقارات عادة ما تتم بالدولار، إذ أن ارتفاع سعر الدولار بشكل يومي يؤمن أرباحاً إضافية، ويزيد من قيمة العقار، لافتاً إلى أن صفقة بيع محل تجاري في المز يريب، أسفرت عن ربح مباشر بنحو نصف قيمة العقار، فقد بيع عقار بنحو خمسة ملايين ليرة سورية، وبعد ساعتين بيع لآخر بنحو سبعة ملايين ونصف المليون ليرة سورية.
أما عصام، وهو أحد تجار العقارات، فقال "إن أجور الشقق والمحال التجارية تختلف من منطقة إلى منطقة في محافظة درعا، ففي درعا المدينة وازرع والصنمين، أجرة الشقة مفروشة ما بين 15 إلى 35 ألف ليرة سورية، أما في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام والقريبة من مراكز قواته، فإن الشقق لا يسكنها أحد بسبب الخوف من الاستهداف وقيام قوات النظام بطرد السكان منها بحجة الحفاظ على حياتهم، كما حدث في عدة أحياء في مدينة درعا، أما في الريف فتصل أجرة الشقة إلى نحو 10 آلاف ليرة سورية، وينظر في ذلك إلى ظروف الناس وقلة الإمكانات بسبب عدم وجود فرص عمل وفقدان كل المدخرات، لذا يُقدّم العديد من المواطنين شققاً وبيوتاً كانت فارغة، للنازحين بدون مقابل، في بداية أزمة النزوح".
مصدر في محافظة درعا للإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة، أشار إلى أن آلاف المباني والمحال التجارية في المحافظة تهدمت بشكل كلي أو جزئي, لافتاً إلى أن مدناً وقرى وبلدات هجرها سكانها إلى مناطق آمنة داخل المحافظة أو إلى خارجها، كل ذلك خلق عدم توازن ديموغرافي في عدة مناطق، ما تسبب في ارتفاع وانخفاض أسعار العقارات من منطقة إلى منطقة أخرى، تجاوزت عشرات الأضعاف، مقارنة ما بين بداية الأزمة والوقت الحالي.
وأشار المصدر إلى أنه لا توجد أسعار ثابتة للعقارات بين منطقة ومنطقة، وهي تتعلق بأسعار الدولار وحالة الأمن والأمان النسبي التي تعيشها المنطقة، لافتاً إلى أن أسعار العقارات في الجيزة والغرايا ونصيب في شرق المحافظة وجنوبها، كانت دائماً الأغلى في محافظة درعا، كون معظم أهالي ورجال هذه المنطقة من المغتربين في دول الخليج، وكان يباع دونم الأرض الزراعية قبل الأزمة بنحو 2 مليون ليرة سورية، أما الآن فقد أصبحت هذه المناطق، عدا نصيب، شبه خالية من السكان وحركة العقارات شبه متوقفة.
التعليق