إحدى قصص السوريين المأساوية.. محمد الذي عاش يتيماً ومات بحادث سيارة في طريقه لجمع حطب التدفئة جنوب تركيا

في مخيم أرزين يعيش محمد ذو الاثني عشر عاماً مع والدته و أخواته الأربعة. عاش محمد يتيم الأب منذ الرابعة من عمره وكانت والدته المسؤولة عن رعاية أطفالها الخمسة لوحدها.

في صيف العام 2014 ومع دخول تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى ريف ديرالزور الغربي – الذي ينحدر منه محمد و عائتله – قررت عائلته مغادرة بلدتهم  "الشميطية" هرباً من الحرب و بحثاً عن ملجأ آمن يجدون فيه العمل والحياة.
 
وحسب تقرير موقع "دير الزور 24"، عملت الأسرة في تركيا في جني وحصاد الخضار التي تثمر في المواسم الصيفية، و مع حلول فصل الشتاء توقفت الأسرة عن العمل ما أدى إلى عدم قدرة العائلة على استئجار منزل أو مسكن بسبب ارتفاع أسعار إيجار البيوت في منطقة أرزين، إذ وصلت الإيجارات إلى ما يزيد عن 200 دولار شهرياً نتيجة الضغط الكثيف وبسبب تزايد أعداد السوريين في المنطقة.

اضطر ذلك عائلة محمد للجوء لشراء خيمة صغيرة يبلغ ثمنها 100 ليرة تركية، وهي خيمة فقط لإيوائهم، لا تنفع أمام حر الصيف أو برد الشتاء، وهي خيمة لا يمكنها مقاومة أي رياح قوية أو أمطار غزيرة كما أنها تسقط على رؤوس ساكنيها في غالب الأحيان.

تدفع عائلة محمد مبلغ 100 ليرة تركية عن كل شخص من العائلة وذلك المبلغ يدفع لصاحب الأرض الزراعية التي تتواجد فيها الخيمة، وهي مساحة صغيرة جداً تعادل مساحة الخيمة فقط مما يوضح حجم الاستغلال الذي يتعرض له السوريون المشردون من الحرب في المنطقة.

في هذه الأرض الزراعية يتجاوز عدد الخيم السبعين خيمة كل ساكنيها من أبناء ريف ديرالزور الغربي، تحديداً من أبناء بلدة الشميطية، كما يقوم صاحب الأرض بتمديد لمبة إنارة واحدة لإضاءة الخيمة ويدفع ساكن الخيمة مقابلها مبلغ 25 ليرة تركية كثمن إشتراك شهري بالإضافة إلى تعرض السكان لكثير من حالات الصعق جراء التمديد السيء لهذه اللمبات.

لا يستطيع سكّان المخيّم "مخيم أرزين" وضع مدفأة كهربائية أو مدفأة على الوقود وذلك بسبب التكاليف الباهظة لهذه الأنواع من التدفئة مما يضطر سكان المخيم للجوء إلى الحطب كوسيلة للتدفئة.
 
كما يقوم سكان المخيم بجلب الحطب أو بقاياه من البساتين المجاورة للمخيم رغم المخاطر القانونية، إذ تمنع السلطات التركية ذلك باعتبار أن التحطيب أمرٌ مخالفٌ للقانون التركي ويتعرض الذي يحاول جمع الحطب لغرامة مالية قدرها 3000 ليرة تركية في حال إلقاء القبض عليه أثناء جمع الحطب.

وعند احتجاج سكان المخيم تقول السلطات التركية لهم أن السوريين يحصلون على معونات من الفحم للتدفئة، أما الحقيقة فإن سكّان المخيم يسجلون أسماءهم للحصول على الفحم دون جدوى، فمن المعلوم أن الفحم يتم توزيعه للأكراد فقط دون أن يحصل البقية ويتم ذلك على أساس عنصري بسبب بعض القائمين على الأمر في ذات المخيم.
 
كل هذا وضع سكّان المخيم بين حدين إمّا العيش في ظل البرد القارس دون تدفئة أو حتى محاولة جمع الحطب ثم التعرض لغرامة 3000 ليرة تركية من الشرطة التركية.

اختارت عائلة محمد المجازفة والتوجه إلى أحد البساتين المجاورة بغية جمع الحطب. وفي صباح يوم الجمعة بتاريخ 18/12/2015 توجه محمد لجمع الحطب وخوفاً من الشرطة التركية اضطر محمد لعبور الطريق السريع الذي تصل سرعة السيارات عليه إلى 180 كم / ساعة.

عبر محمد القسم الأول من الطريق ثم رأى سيارة قادمة من بعيد بسرعة كبيرة كما تصف والدته الواقعة التي كانت شاهدة عليها، عندما حاول محمد عبور القسم الثاني من الطريق صدمته سيارة أجرة، حيث توجه عدد من سكان المخيم إلى موقع الحادث وعندما شاهد صاحب السيارة الناس يقتربون من موقع الحادث هرب نحو سيارته وفر من المنطقة دون أن يتمكن أحد من معرفة هويته حتى الآن.
 
وصلت الشرطة بعد خمس دقائق إلى موقع الحادث إذ كانت تتواجد على حاجز يبعد 2 كم ثم قامت بطلب سيارة الأسعاف، كانت إصابة محمد بالغة جداً ما أدى لتعرضه لنزيف حاد في الرأس، ليموت من بعدها قبل وصوله للمشفى.

كل المعلومات الواردة تشير أنه حتى اللحظة لم يتم التعرف على قاتل الطفل محمد، كما تشير الأخبار أن الشرطة التركية تقول أنها لا تتحمل أي مسؤولية ولا تحمّل صاحب سيارة الأجرة أي مسؤولية عن الحادث وكل اللوم يقع على عائلة الضحية، ولم يتبين أي موقف رسمي من الحكومة التركية تجاه هذه القصة المأساوية التي راح ضحيتها طفل بريء حاول أن يقي أهله من قساوة الشتاء.

قصة محمد غيض من فيض مما يعانيه السوريون في مخيمات اللجوء والتي ظاهرها عكس باطنها، فالباطن أدهى وأَمَر.

ترك تعليق

التعليق