نماذج.. ماذا فعل الانكماش الاقتصادي في عنتاب بالعمالة السورية؟


 لم تكن هذه المرة الأولى التي يخسر فيها الشاب السوري أيهم عمله، فهذا شائع بين العمال هنا في عنتاب، لكنها المرة الأشد وقعاً عليه كما يتضح، كون العثور على فرصة عمل جديدة في هذه الفترة، فترة جرد الشركات لحسابها السنوي ومسك دفاترها المالية، يبدو مستحيلاً.

 في ورشة تركية لخياطة الألبسة الجاهزة في المدينة الصناعية في مدينة غازي عنتاب، كان يعمل أيهم في قسم (الامبلاج) - التعبئة والتغليف، راضياً بمرتبه البسيط "الرمد أفضل من العمى"، كما يقول لـ"اقتصاد"، إلى أن قرر رب العمل الاستغناء عنه و3 من رفاقه أيضاً بدون سابق إنذار. يقول أيهم لـ "اقتصاد": "خلافاً لتصريحات ووعود المسؤولين الأتراك، يبدو أن حال السوريين في تركيا من سيء لأسوأ".

 وعلى الرغم من ذلك حاول أيهم الاستعانة بأقرانه السوريين للبحث عن عمل جديد، "لكن هذا ما زاد الطين بلة"، حسب وصفه، كونه لمس أنه ليس السوري الوحيد الذي خسر عمله، وكأن فقدان العمل هنا أشبه ما يكون بوباء اقتصادي أصاب العمالة السورية في عنتاب.

مثل أيهم، فقد العامل السوري محمود دادا عمله أيضاً في مغسلة السيارات في حي "غوناي كنت" في عنتاب، بعد تذرع رب العمل التركي بعدم وجود عمل.

 ويذهب دادا في حديثه لـ "اقتصاد" إلى وصف رب العمل التركي بـ"مصاص الدماء"، موضحاً "مع دخول فصل الشتاء انخفضت وتيرة العمل تدريجياً، لكن هذا لا يعني أن يطردنا هكذا من العمل، وينسى ما عملناه سابقاً، عندما كنا نعمل بدون هوادة في فصل الصيف".

يصمت قليلاً ثم يبسط كفيه التي تبدو عليهما آثار التعب الواضح، "تعتمد عائلتي المقيمة في ريف حلب الشمالي على المبالغ المالية التي أرسلها، لكني الآن بلا عمل، وهذا ما يفاقم حالتي".

إلى ذلك، يشير محللون إلى أن العام الجديد القادم قد يكون الأقسى على العمالة السورية في تركيا، نظراً إلى ضعف أداء المؤشر الاقتصادي التركي في الآونة الأخيرة، الناجم عن عدم الاستقرار الذي تشهده المنطقة عموماً، وتوتر العلاقات التركية الروسية على وجه الخصوص.

ويؤيد هذا الرأي الأستاذ بسام نجار، مدير التصدير في شركة تركية متخصصة في إنتاج مواد تدخل في إنشاء الأنفاق المرورية، وينقل خلال تصريحات خاصة بـ"اقتصاد" عن صاحب الشركة التي يعمل بها قوله: "إن الركود الاقتصادي في الوقت الراهن أمر طارئ على الاقتصاد التركي، وهو أمر غير مسبوق".

لكن نجار يرفض تعميم حالة تسريح العمال السوريين من قبل أرباب العمل الأتراك، ويردف "قد يكون لطبيعة عمل الشركة أو المؤسسة الصناعية الموسمي دور كبير في هذا، والكل يدرك حجم الركود الذي يحل بحلول فصل الشتاء".

هذا ويطرح استفحال ظاهرة خسارة العمالة السورية لفرص العمل في تركيا تساؤلات عن مستقبلها في تركيا، كما يبرز الحاجة الملحة إلى وجوب تأطير قانوني ناظم لها.

ترك تعليق

التعليق