اقتصاديات.. تحيا كندا

مشهد رئيس الوزراء الكندي وهو يستقبل اللاجئين السوريين، في مطار تورونتو، بمرافقة أعضاء من حكومته، يجعلك تبكي وتنوح وتصرخ بأعلى صوتك.."واااه عيني".. المشهد يكاد لا يصدق، وهو بالفعل يتم تداوله على صفحات التواصل الاجتماعي كأحد غرائب اللقطات التي تحدث مع الإنسان صدفة وقد لا تتكرر..

لست مع الذين يحاولون مقارنة هذا المشهد مع ما حدث ويحدث للاجئ السوري في بعض الدول العربية، والوصول إلى أحكام قاسية بحق هذه الدول وحكوماتها.. فالدول العربية، والحق يقال، مثل كندا تماماً، عاملت اللاجئ السوري كما تعامل مواطنيها.. لكن كل المشكلة أن شعوب هذه الدول مقهورة وذليلة، فبان وكأنهم يتقصدون إذلال السوري في دولهم...!!

كان السوري في السابق، عندما يريد الهجرة إلى كندا، يدفع دم قلبه، وقد لا يحظى بهذه الفرصة، واليوم لم يتغير شيء، بل زاد ثمن الوصول إلى كندا وأصبح دماً صافياً بدل النقود..

أحياناً أشعر بالغبطة كون الدول العربية لم تستقبل السوري وتوفر له عناصر الأمان، بما يحجبه عن الوصول إلى الدول الغربية.. فتجربة العيش في مجتمعات متطورة وحكومات ديمقراطية، هي من العوامل التي سوف تجعل السوري ينقل هذه التجارب إلى بلده عندما يعود إليها.. لكن انظروا في المقابل التجربة التي حاول السوريون جلبها معهم من دول الخليج بعد الانفتاح عليها فيما بعد عقد التسعينيات.. لقد أرسلنا لهم زهور شبابنا ومثقفينا لتعليم أبنائهم، ثم عاد أغلبهم إلينا يلبسون الأثواب القصيرة و"الشبشب" ويحملون المسواك ثم يتحدثون أن الديمقراطية رجس من عمل الشيطان وأن الإنسان يجب ألا يستخدم عقله في كل المطارح.. وأظن أننا اليوم ندفع ثمن هذه التجربة كثيراً..!!

لقد التقيت العام الماضي بعدد من رجال الدين المسلمين السوريين المعروفين الذين وصلوا إلى فرنسا وبلجيكا وقرروا الإقامة فيهما، ومنهم الدكتور عماد الدين رشيد، وهؤلاء لم يختاروا هذه الدول عن عبث، وإنما لقناعتهم أن كرامة الإنسان وحريته وعقله هي أثمن ما يملكه.. لذلك قرروا المحافظة عليها.. ودمتم.

ترك تعليق

التعليق