جدل حول حضور أثرياء سوريين لمؤتمر الرياض

ربما لم تثر ضجة إعلامية حول حدث سياسي سوري منذ اندلاع الثورة السورية، مثلما أثاره مؤتمر الرياض للمعارضة السورية الذي بدأ أعماله اليوم الأربعاء، ويبدو أن ذلك مبرراً في حال النظر إلى ما وصلت إليه حساسية المشهدين العسكري والسياسي، المعقدين على الأرض.

 وبعيداً عن الغوص في المسارات والأجندات المتشعبة لهذا المؤتمر الذي يتوقع أن يتمخض عنه إيجاد صيغة لخلق صوت سياسي معارض واحد على الأقل، للعمل على استحقاقات سياسية قادمة دولية، قد تفضي بشكل ما إلى الانتقال بالبلاد إلى مرحلة انتقالية لم تتضح ملامحها بعد، سنحاول في تقريرنا بحث إيجابية أو سلبية حضور بعض رجال الأعمال السوريين في المؤتمر، من وجهة نظر مراقبين ومهتمين بهذا الشأن.

 وتماشياً مع الانقسام السوري على كل شيء، فقد انقسمت آراء الذين استطلع "اقتصاد" آراءهم حيال حضور رجال الأعمال في مؤتمر سياسي خالص.

"لطالما كانت السياسة وسيلة بيد الاقتصاد، وما تشهده المنطقة هو حرب مصالح واقتصاد، أكثر من كونها حرب سياسية"، كما صرح عضو الهيئة السياسية للجمعية الوطنية السورية، والنائب البرلماني الألماني السابق، المهندس جمال قارصلي.

وشدد قارصلي، وهو أحد المهندسين البارزين الذين عملوا في بداية الثورة على موضوع إعادة الإعمار، على إيجابية تمثيل رجال الأعمال في المؤتمر وقال لـ"اقتصاد": "إن ثورتنا وللأسف من الثورات الفقيرة، لأنها لم تشهد التفاف أصحاب رؤوس الأموال حولها، ونحن بحاجة إلى الاقتصاد للنهوض بالبلاد، لذلك فإن حضورهم ضروري جداً".

 وكان قارصلي واضحاً بخصوص ضياع القرار الوطني من السوريين، حيث يرى أن العمل إلى جانب رؤوس الأموال هو مرتكز من مرتكزات إرجاع القرار الوطني إلى الأيادي السوري، متمنياً على أصحاب رؤوس الأموال العمل بشكل موحد لخدمة سوريا الموحدة، قلباً وقالباً لا الحضور لمصالح اقتصادية ضيقة وفق قوله.

ووافق رجل الأعمال، سعيد نحاس، وجهة نظر قارصلي، معتبراً أن حضور رجال الأعمال في المؤتمر هو حضور إيجابي، وأوضح "إن لرجال الأعمال دور رئيسي في إعادة الإعمار، وخصوصاً أن الأسماء الحاضرة ليست بأسماء عادية".

 وتابع خلال حديث خاص بـ"اقتصاد"، "المشاركون ليسوا أسماء عادية، وأتحدث هنا عن السنكري والأصفري، لأن لهذين الاسمين تحديداً أنشطة إغاثية وتنموية في الداخل، وبالتالي هم منخرطون بالشأن العام".

وعلى النقيض من الآراء السابقة، ذهب مدير مركز سوريا الاستشاري، محمد سمان، إلى اعتبار حضور رجال الأعمال حضوراً سلبياً بالمطلق. وعزا سمان ذلك خلال حديث خاص بـ"اقتصاد" إلى عاملين، الأول يتعلق بآلية تفكير رجل الأعمال المحكوم بقانون الربح والخسارة، وقال: "لم يصل رجال الأعمال وأصحاب الثروات الناجحين إلى ما هم عليه إلا لأنهم ينظرون إلى صفقات مربحة".

وعليه يرى سمان أن حضور رجال الأعمال دون النظر في الأسماء في مؤتمر الرياض أو غيره من المؤتمرات، هو حضور أشبه ما يكون بمناقشة الجدوى لصفقة تجارية ما، خلافاً لنظرة السياسي الذي يهتم بالمصلحة الوطنية.

 وأما العامل الآخر الذي يجعل من حضور رجال الأعمال سلبياً من وجهة نظر سمان يتمحور حول آلية البت في القرارات المصيرية التي تحتاج إلى عملية تصويت، وما تتطلبه من استقطابات قد يكون للنفوذ المالي الدور البارز في تشكيلها.

واستطرد موضحاً، "في حال الحاجة إلى التصويت في مؤتمر يضم 100 مشارك على سبيل المثال، فالاستقطابات ستكون إما على أسس حزبية إيديولوجية، أو مناطقية، أو طبقية، لكن قد يلغي تدخل المال كل الأسس السابقة".

 وبعد أن ندد سمان بتدخل المال في المؤسسات الثورية قال، "تدخل المال أفشل المؤسسات الثورية، وأكبر مثال على ذلك تدمير رئيس المنتدى السوري للأعمال، مصطفى الصباغ، الذي تأسس في منتصف العام 2012، لجسد الائتلاف من خلال توليه منصب الأمانة العامة، الأمر الذي انتهى حينها باستقالة رئيس الائتلاف الشيخ معاذ الخطيب"، حسب وصفه.

ترك تعليق

التعليق