"اقتصاد" يرصد حياة أسرة تحرق ملابس أفرادها للتدفئة في معضمية الشام

كثيرة هي مشاهد المعاناة في مدينة معضمية الشام، في كل بيت معاناة، ولدى كل أسرة قصة مأساة قد لا تخرج ليراها الناس، لكنها تبقى جاثمة على صدور أصحابها مختبأة في حنايا البيوت.

"اقتصاد" زار إحدى هذه الأسر ليرصد قصة اقتراب الشتاء ومدى قدرة هذه الأسرة على مواجهة برده القارس.

ومع أن فصل الشتاء لم يبدأ بعد، والجو ما يزال معتدل نسبياً، إلا أن أسرة أبو محمود آثرت وضع مدفأة الشتاء في غرفة الجلوس. تقول أم محمود لـ "اقتصاد": "إننا ومنذ الشتاء الماضي لم نتوقف عن استخدام موقد الحطب لأننا نطهو عليها".

وتجلس سيدة المنزل وحولها أطفالها الأربعة بجانب المدفأة وتضع قطعة ثياب داخل الموقد، بينما تمتلئ الغرفة بدخان أسود وتسعل ابنتها الصغيرة في مشهد مأساوي حزين تقف اللغة حائرة عن وصفه.


 حيث للملابس استعمال آخر

لجأت أسرة أبو محمود إلى حرق ثيابها بدل الحطب حيث يقول محمود (13 عاماً)، وهو الطفل الأكبر سناً، "لا أستطيع تأمين الحطب، وبسبب انقطاع المازوت والغاز عن المدينة اضطررنا لحرق ملابسنا لنطهو الطعام ونتدفأ عند حلول البرد".

ويسكت محمود قليلاً في الوقت الذي تنزل دمعة على خديه، ثم يقول: "لو أن هذا البيت الذي نسكنه لنا لقمت بحرق أثاثه المصنوع من الخشب".


لا حطب إلا الزيتون

أصبحت شجرة الزيتون مصدر التدفئة الأول في مدينة محاصرة من كل جهة كمعضمية الشام. أشجار كثيرة ضاربة في القدم اقتلعت من جذورها ثم انهالت عليها فؤوس الحطابين محولة إياها إلى قطع صغيرة لتدفئة أجساد ترتعش من البرد.

ومع انتشار تجارة حطب الزيتون في المدينة، لم تستطع أسرة أبو محمود شراء احتياجاتها من هذا الحطب. يقول أبو محمود لـ "اقتصاد": "لا نمتلك المال لشراء الحطب وليس لدينا حقل زيتون حتى نقتلع أشجاره".

ويضيف: "سعر طن الحطب يترواح بين 40 و 45 ألفاً، وهذا رقم كبير بالنسبة لي".

إذا نفد القماش؟

يبدو أن أسرة أبو محمود لا تمتلك الملابس الكافية للتدفئة طوال الشتاء، فالأقمشة مهما كثرت فإن برد كانون سيستهلكها لا محالة.

ويوضح أبو محمود أنه طلب من زوجته ألا توقد المدفأة إلا في أوقات البرد الشديد وأن تستعيض عن ذلك بتغطية الأطفال بألحفة سميكة ترد عنهم البرد.

ويتابع قائلاً: "القماش سينتهي خلال أسبوعين وربما ثلاثة، حينها سنحرق البلاستيك والأحذية و الورق المقوى!!".


ويختم أبو محمود بكلمة عبر موقع "اقتصاد": "أين العالم مما يحدث لنا؟، إلى متى هذه اللامبالاة؟، نحن نموت في اليوم ألف مرة، و إلى الله المشتكى".

ترك تعليق

التعليق