السوريون يتحولون إلى كبش فداء في الإعلام المصري لتبرير تدهور الجنيه

في مقال تحريضي ضد السوريين في مصر، ومحشو بالمغالطات، اتهم موقع "بوابة الوفد" المصري، مجموعة تجار سوريين بالمتاجرة بالعملة والمساهمة في ارتفاع سعر الدولار بالسوق الموازي.

وتراجع الجنيه المصري بشكل ملحوظ في السوق الموازي، خلافاً للسعر الرسمي المحدد له من جانب السلطات المصرية في البنوك.

وقال الموقع المصري المشار إليه أعلاه أن هناك "شبكة منظمة لتحويل الدولارات من رجال أعمال سوريين مقيمين في مصر إلى أفراد ومؤسسات بسوريا، ما يزيد الطلب على العملة الصعبة في مصر".

وحسب الموقع، فإنه حصل على هذه المعلومات نقلاً عن مصادر بسوق الصرافة، لم يُسمها.

وأضاف الموقع أن "عمليات التحويل تتم خارج الإطار القانوني من خلال التهريب على مدى السنوات الأربع الأخيرة"، في إشارة إلى فترة تواجد اللاجئين السوريين في مصر.

يأتي هذا التقرير بعيد تقرير آخر نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية يتحدث عن محاولة تهريب دولار ودرهم إماراتي، قام بها سوريَين عبر مطار القاهرة، داخل أطباق حلويات شامية وشاورما.

الموقع استفاض في التعميم والاتهام للسوريين، نقلاً عن المصادر ذاتها التي لم يُسمها، منوهاً إلى أن "معظم السوريين الذين يعملون في المجال الصناعي أو التجاري لم يحصلوا على تراخيص مزاولة المهنة ويحتفظون بمعظم أموالهم في البيوت، وهو الأمر الذي يعني عدم قيامهم بفتح حسابات لهم بالبنوك".

وتجاهل الموقع المذكور حقيقة أن معظم البنوك المصرية لا تقبل بفتح حسابات للسوريين لديها، بعد تعليمات من البنك المركزي المصري بتقييد فتح الحسابات للسوريين، منذ حوالي السنة.


وبهذا الصدد، قال (م، ع)، أحد السوريين المقيمين في مصر منذ أكثر من ثلاث سنوات، في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، أنه قضى حوالي الشهر محاولاً فتح حساب بنكي في إحدى البنوك المصرية، لكنه لم يتمكن من ذلك، فمعظم البنوك طلبت منه طلبات وصفها بـ "التعجيزية"، فيما قالت له أخرى صراحةً، بأنه لا يمكن فتح حساب لسوريي الجنسية.

وبالعودة إلى تقرير موقع "بوابة الوفد"، نقل الموقع عن محمد رستم، عضو غرفة الإسكندرية التجارية، أن "هناك 15 سورياً يسيطرون على تصدير البرتقال للخارج وليس لديهم حسابات بنكية، موضحاً أنهم يحتفظون بأموالهم في المنازل بالعملة الصعبة".

وأوضح رستم، حسب الموقع المصري، أن "عدم وجود حسابات لمعظم السوريين بالبنوك منحهم فرصة للتهرب من الضرائب، وقال إننا استقبلنا السوريين كأشقاء وليس لدينا مانع من عملهم بالسوق بكافة قطاعاته بحرية مع التزامهم بالقوانين وعدم الإضرار بالاقتصاد، مشيراً إلى أهمية تقنين أوضاعهم والتزامهم بفتح حسابات بالبنوك".

وفي تعميم غير دقيق، ادعى رستم حصول السوريين بكافة فئاتهم ومستوياتهم على أموال من الجهات المانحة بدعوى أنهم لاجئون.

وبالعودة إلى تصريحات سابقة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قال فيها بأن عدد السوريين بمصر يتجاوز نصف مليون نسمة، فيما أن أعداد اللاجئين المسجلين منهم لدى مفوضية اللاجئين بمصر، لا تتجاوز 130 ألفاً، مما يعني أن غالبية السوريين غير مسجلين كلاجئين، ولا يحصلون على أموال من الجهات المانحة، خلافاً لما قاله عضو غرفة الاسكندرية التجارية.

وكان الجنيه المصري قد تدهور في السوق الموازية بمصر، وذكرت مصادر لـ "اقتصاد" أن الدولار يُباع في شركات الصرافة بين 8.5 جنيه إلى 8.65 جنيه، فيما أن سعره الرسمي في البنوك لا يتجاوز 7.83 جنيه مصري.

 وجاء هذا التدهور بعيد حادثة تفجير الطائرة الروسية شمال سيناء، والتي أدت إلى تدهور السياحة في مصر بصورة كبيرة.

وذكرت مصادر لـ "اقتصاد" أن فنادق شرم الشيخ والغردقة في معظمها فارغة، وأن أصحاب الفنادق ومنشآت السياحة ممن لديهم أعداد قليلة من السياح في عدة فنادق، يجمعون السياح جميعاً في فندق واحد، ويغلقون الباقي، وأن أعداداً كبيرة من العمالة المصرية في مجال السياحة تم تسريحها في الأسابيع القليلة الماضية.

وتعد السياحة من مصادر العملة الصعبة الرئيسية في مصر.

وهكذا يبدو أن السوريين يتحولون في الإعلام المصري إلى كبش فداء، لتبرير التدهور الجديد الحاصل في الاقتصاد المصري، والذي يعود لأسباب أمنية تتحمل السلطات المصرية مسؤوليتها. وفي الوقت الذي يرفع فيه النظام المصري راية محاربة الإرهاب، يبحث في الوقت نفسه عن تبرير يشرح من خلاله للشعب المصري كيف أنه فشل في نفس المهام التي قاد الانقلاب ضد الرئيس السابق محمد مرسي، بذريعة الفشل فيها، وهي ضبط الأمن، وتحسين الأوضاع المعيشية.

ترك تعليق

التعليق