تنظيم "الدولة".. إدارة رشيدة لمصادر الطاقة العملاقة واقتصاد في خدمة العسكرة فقط


 على عكس ما قد يظن كثيرون فإن طريقة إدارة تنظيم "الدولة الإسلامية" لموارد الطاقة (نفط – غاز) التي يسيطر عليها في الأراضي السورية والعراقية، هي طريقة منظمة بعيدة عن التخبط والارتجالية التي انتهجتها الكثير من فصائل المعارضة حين كانت هذه الأخيرة مسيطرة على ذات الموارد.
 
هذه الإدارة التي توصف بـ"الرشيدة" عادت على التنظيم بمبالغ مالية ضخمة، وقابلها ضعف أو انعدام في الإنفاق على الأمور المدنية والخدمية، وذلك لعدم تحمل التنظيم لمسؤولياته تجاه الأهالي الذين يعيشون في مناطق سيطرته.

 وهكذا وُجّه اقتصاد التنظيم ليكون في خدمة المجهود الحربي الساعي إلى السيطرة على مزيد من المناطق التي تتوافر فيها مصادر الطاقة.

وتعليقاً على ذلك، يرى الباحث المتخصص بشأن التنظيم، ساشا العلو، أن التنظيم أجاد في إدارته لموارد الطاقة، خلافاً للفصائل التي فشلت في استثمار هذه المصادر.

ويُرجع العلو نجاح التنظيم في ذلك، خلال حديث خاص بـ"اقتصاد"، إلى "الطبيعة الكهنوتية" الموجودة لدى كل التنظيمات الإسلامية العابرة للحدود، على حد تعبيره.

وعن ما وصفها بـ"الطبيعة الكهنوتية"، يوضح: "لدى هذه التنظيمات مجالس شورى مختصة بصنع القرار غير معروفة للعلن، لها أجنحة أمنية وإدارية محاطة بسرية تامة، تؤمن إدارة الموارد بطريقة صحيحة".

بالإضافة إلى ما سبق، لا يُغفل العلو سبباً يعتبره جوهرياً لا بد من التعريج عليه قبل الخوض في مصادر تمويل التنظيم، يشرحه بالقول: "إن التنظيم يعتاش بشكل رئيسي على الأزمات، أي أن التنظيم هو أداة من أدوات اللعبة السياسية في المنطقة، وهذه الأداة تستفيد من صراع القوى المحلية الموجودة في الساحة حالياً".

ولم يتفق العلو مع الرأي الذي يعزو قوة التنظيم الاقتصادية إلى عدم إنفاق التنظيم على الشؤون المدنية والخدمية، قائلاً "لدى مقارنة التنظيم بالنظام، فالأخير يعتمد على أطراف دولية كمصادر للتمويل، بينما يمول التنظيم نفسه من تلقاء نفسه".

ومن هنا، يعتقد أن الخدمات التي يقدمها التنظيم مع ضعفها، هي خدمات كبيرة تُحسب له مقارنة بالنظام، أو بالمعارضة التي تعتمد على داعمين دوليين ومنظمات دولية وغيرها.

ووفق تقرير أوردته وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية للأنباء منذ فترة، فإن التنظيم ينتج نحو 30 ألف برميل يومياً من حقول نفط في سوريا، بينما يحصل التنظيم على ما بين 10 و20 ألف برميل يومياً من حقول النفط في العراق.

وقدر التقرير عائدات التنظيم الشهرية من النفط بجوالي 50 مليون دولار، هو رقم مكن التنظيم من دفع رواتب مالية مغرية للعناصر المسلحة التي تقاتل في صفوفه.

من جانبه، يتصور الصحافي العراقي، عمر جبوري، المقيم في مدينة الموصل، أن الحديث عن مبالغ مالية كبيرة يجنيها التنظيم من النفط هو أمر مبالغ فيه، لأن التنظيم لا يمتلك شبكة متطورة لنقل النفط والغاز، بالإضافة إلى تعامله مع عدد محدود من التجار.

 ويشير جبوري خلال حديثه لـ"اقتصاد"، إلى خدمات بسيطة قدمها التنظيم في المدينة من ترصيف للشوارع، وتعبيد لبعض الطرق، بالإضافة إلى بعض الخدمات الاجتماعية المحدودة للفقراء، وبناء للمساجد. لكنه في الوقت ذاته يرفض مقارنة هذه الخدمات بما تقدمه الدول الحاكمة، مؤكداً أنها خدمات بسيطة غير استراتيجية لا ترقى إلى ما تقدمه مؤسسة واحدة في أي نظام وطني حاكم.

ترك تعليق

التعليق