"الله لا يسامحك".. لازمة على لسان العمال السوريين في لبنان

"الله لا يسامحك.."، عبارة يتلفظ بها معظم العمال السوريين وهم ينهون ورشاتهم هنا في لبنان.

 فحالة نكران الأجر وعدم دفعه للعمال السوريين، باتت عُرفاً بين أرباب العمل هنا. وإن دفعوا، فإنهم يدفعون للعامل ما تيسر من بنود الاتفاق الذي تم عقده قبل مباشرة السوري لأعماله الشاقة. كما صرح بذلك لـ "اقتصاد"، أبو بهاء الخطيب من القلمون، وهو معلّم في "ورشة بناء".


أما العامل، أبو خالد الطيب، من القلمون، فيقول لـ "اقتصاد"، "ارضينا بالهم.. والهم مارضي فينا". ويتابع أبو الطيب: "نظراً لحالة الفقر التي تعيشها العوائل السورية هنا في لبنان، فإن العامل السوري أصبح يقبل بأي أجر مقابل عمله، ويتنازل عن جزء كبير من حقه أمام ابتزازات رب العمل في لبنان، وانتهازيته المعلنة السافرة".

ومع ذلك، يخرج العامل السوري (بخفي حنين) عند انتهاء الورشة التي تبدأ بمماطلة وتأجيل في دفع الأجرة من قبل رب العمل، وتنتهي بعبارة "مالك عندي أجرة وروح بلط البحر".


العمالة السورية في لبنان.. أعمال شاقة

تتنوع أعمال السوريين هنا في لبنان، لكنها أبعد ما تكون عن الثياب المكوية وروائح العطر والجلوس خلف المكاتب والطاولات، إنها أعمال الجزمة البلاستيكية ذات الساق الطويلة، والثياب الممتلئة بالأتربة وآثار الإسمنت وبقع الدهان.

فمن أعمال البناء والطينة والنجارة والحفر والردم، إلى أعمال الدهان والجبصين وجبل الاسمنت وصب "البيتون"، وصولاً لجني التفاح والعناية بالأشجار وتعشيب الأرض، وذلك وفق دوام يحدد ساعاته رب العمل ويحدد نهايته، والذي لا يختلف كثيراً في طوله عن شروق شمس وغيابها.


"أجورنا.. تشبه المجان.. ومع ذلك قلما نحصل عليها"، هذا ما يقوله العامل تيسير مخيبر أبوخضر، من ريف القصير، يعمل بمهنة "صب البيتون". هبط بأجرته أكثر من النصف، من 24 دولاراً للمتر الواحد إلى 12 دولاراً، كي لا يعاني البطالة ويحرم أولاده رغيف الخبز.

أما أبو عدي السحلي من القلمون، معلم (ورشة طين)، فأكبر همه أن يعمل، ولو بأبخس الأثمان، لكي يسدد إيجار غرفته، علماً أنه كان يتقاضى لقاء متر الطينة الذي ينجزه تسعة دولار، وظل يهبط بإجرته إلى أن وصلت إلى ألفين لبناني، أي دولاراً وربع تقريباً.


أما عامل البلاط، أبو محمد طالب من النبك، فأكد أنه يتقاضى ما يعادل الدولار ونصف، مقابل المتر من البلاط، وهو أجر أشبه بالمجاني، وكذلك بالنسبة لمتر البناء، فهو بنفس التسعيرة تقريباً.

"عمل طوال اليوم.. والخاتمة صفر اليدين"، تقول أم تبارك من القلمون، التي تعمل في قطاف التفاح والزيتون، وتخبرنا أنها عملت ما يزيد عن العشرين يوماً عند أحد أصحاب البساتين، بأجرة يومية من المفترض أن تكون 6 دولارات، وعند القبض لم يحاسبها إلا بثلاثة دولارات، فرفضت أن تتقاضها وتركت العمل.


هذه واقع العمالة السورية في لبنان، جهد شاق، وأجرة زهيدة، وابتزاز لعرقهم في رابعة النهار.

ويختم أبوخالد الطيب بقوله: "الله لا يسامح كل من سرق عرقي وتعبي.. لأنه سرق لقمة أولادي.. وقوت عائلتي".


ترك تعليق

التعليق