هل تتوقف معاناة الطلاب السوريين في المدارس اللبنانية عند تركيعهم أمام العلم اللبناني؟


كان الطفل السوري، محمود، ذو السنوات العشر، يلعب ويشاغب ببراءة الأطفال ويصدر صوتاً يبدو أنه أزعج سائق الحافلة التي كانت تقله مع أصدقائه من المدرسة إلى منازلهم في منطقة عكار اللبنانية، فترجل السائق فجأة وبدأ بضرب الطفل ضرباً مبرحاً أدى لتورم خده وإصابته بحالة نفسية ليست بسهلة على من هم بعمره.
 
قصة محمود ليست الوحيدة، كمثال على سوء معاملة الطلاب السوريين في المدارس اللبنانية، فقد كشف شريط فيديو تم تداوله مؤخراً لأطفال لاجئين في مدرسة ابتدائية في لبنان، يتم تركيعهم أمام العلم اللبناني، جانباً معتماً من هذه المعاناة، أماطت اللثام عنه كاميرا لإحدى القنوات اللبنانية.

 وكأن هؤلاء الطلاب لا تكفيهم مشاكل الاندماج وحالات النبذ والتمييز التي يمارسها مدراء ومعلمو المدارس بحق الطلاب السوريين واضطرار هؤلاء الطلاب للانتقال من مدرسة إلى أخرى، نتيجة سياسات التوزيع التي تجريها وزارة التربية اللبنانية بين الفينة والأخرى، لتُضاف مشكلة جديدة وهي فتح المدارس الرسمية أمامهم وبمنهاج معرّب بعد تقديم الدعم من الاتحاد الأوروبي، لتعليم أطفال سوريا في لبنان، وبالتنسيق مع وزارة التعليم في لبنان، ليبدو هؤلاء الطلاب في هذه المدارس، "غرباء اليد والوجه واللسان".
 
و"دفعت هذه المشاكل وغيرها الغالبيةَ العظمى من الطلاب السوريين للتسرب من المدارس واللجوء إلى الشوارع أو الانخراط في العمل، نتيجة سوء الأوضاع المادية للأهل أصلاً وعدم القدرة على استكمال تعليم أطفالهم"، كما يقول الناشط، محمد القصاب،  لـ"اقتصاد"، مشيراً إلى مشكلة أخرى عن سبب استنكاف الطلاب السوريين عن الذهاب إلى المدارس، وهي–كما يقول- "سوء توقيت الدوام في المدارس للطلاب السوريين، وهو كما يراه الطلاب وذووهم، توقيت مقيت وغير ملائم"، -بحسب محدثنا- الذي أضاف أن "دوام الطلاب السوريين تم حصره في أغلب المناطق بفترة ما بعد الظهر أي من الساعة 2 بعد الظهر وحتى 6 مساءاً، وهذا التوقيت لا يلائم ذهن الطالب ولا ظروفه، وفي فصل الشتاء يكون قد حل الظلام مما يضطر الطالب السوري للهروب من الدوام".

الناشط، محمد القصاب، الذي عاين أوضاع الكثير من المدارس في منطقة عكار، أشار في حديث لـ"اقتصاد" إلى مشكلة أخرى تواجه الطلاب السوريين هناك أيضاً، وهي معاناتهم مع وسائل النقل، وإن توفرت –كما يقول- "يتم حشر أكثر من 50 طالباً في حافلة لا تكاد تتسع لـ 20 منهم، إلى جانب سوء معاملة سائقي هذه السيارات للطلاب السوريين، وتعريضهم للشتم والإهانة دون حسيب أو رقيب، كما في قصة محمود ذو السنوات العشر".

ولا تقف معاناة طلبة العلم السوريين عند هذا الحد -بحسب ما يؤكد محدثنا- ففي أغلب المناطق، وكي يستفيد المدرس اللبناني من راتب آخر يدرّس الطلاب اللبنانيين في فترة ما قبل الظهر، ويترك الطلاب السوريين لفترة ما بعد الظهر، بعد أن يكون قد أصابه الخمول، وقلّ تركيزه بسبب الإرهاق، مما يؤدي إلى انعدام استفادة الطالب من الدروس التي تُعطى له في فترة ما بعد الظهر.

ويصف محدثنا معاملة الطلاب السوريين من قبل إدارات مدارسهم بـ"أسوأ معاملة" من حيث التمييز بينهم وبين الطلاب اللبنانيين في هذه المعاملة، وهذا ما حصل في مدرسة الشياح الثانية الرسمية المختلطة، وأمام مرأى إحدى المحطات الإعلامية، حيث أهان أحد المدرسين الطلاب السوريين وضربهم وأجبرهم على الركوع أمام العلم اللبناني، ومما يزيد الطين بلة بالنسبة لأوضاع التعليم بالنسبة للطلاب السوريين-كما يوضح محدثنا، "عدم السماح للمدرسين السوريين بالتدريس في المدارس اللبنانية الرسمية وهذا ما يشكل عقبة عند الطالب السوري، كون المدرس السوري أقرب إلى ذهن وعقلية الطالب السوري وعلى معرفة تامة بأسلوب معاملته وإعطائه الدرس وكذلك الأسلوب العملي الذي أَلِفَه في المدارس السورية".
 
وفي حين أثنى محدثنا على وزارة التربية اللبنانية التي "تبذل جهوداً كبيرة في توفير فرص التعليم للسوريين"، أشار إلى "وجود حالة من انعدام الآلية في العمل والتخطيط وعدم الاحتكاك مع أهل الطالب وكذلك الطالب بشكل مباشر، وغياب الإرشاد النفسي للطالب السوري القادم من حرب ودمار وكذلك عدم مراعاة عقلية الطالب السوري وزجه بمناهج دراسية مغايرة لما كان يتلقاه".

ترك تعليق

التعليق