لعبة العطش ومعادلات الماء في دمشق وريفها
- بواسطة ناصر علي- دمشق - اقتصاد --
- 01 تشرين الثاني 2015 --
- 0 تعليقات
عاشت دمشق منذ فترة، بلا ماء، عشرة أيام، باستثناء منطقة المالكي الثرية، وبعض التجمعات الموالية للنظام كالمزة 86، التي تُروى من آبار حفرها النظام على مدار عقود، استنزفت حوض وادي بردى بشكل كبير، وأثرت على غزارته واستدعت نداءات عدة للتوقف.
ريف العاصمة الغربي والشرقي يشكو من التلوث الذي أصاب آباره وينابيعه وخصوصاً الغوطة الشرقية التي يسقيها نهر بردى، ويلوثها مشروع الصرف الصحي غير المكتمل الذي مولته الكويت من أجل تنقية مياه العاصمة وسقاية مزروعاتها بمياه مكررة، ولكن المسؤولين الفاسدين في ريف دمشق سرقوا أموال المشروع ونفذوه على طريقة الإسكان العسكري، أي قابل للانهيار بأي وقت.
آخر ما تناقله إعلام النظام، هو انفجار خط مياه بردى بين قريتي "عين الفيجة - دير قانون"، إثر تصدعات الخط بفعل المعارك الدائرة في المنطقة، وهذه ليست المرة الأولى، إذ سبق لهذا الخط أن دمرته مدفعية النظام عدة مرات، وسبق أن حوله الثوار إلى النهر من أجل إطلاق معتقلات وللضغط من أجل إدخال المساعدات، وتوصلوا في أكثر من مرة لاتفاق مع النظام يقضي بمقابلة الماء بالغذاء، والسماح بمرور المساعدات، ومن أهمها الخبز، إلى مدن وقرى وادي بردى المحاصر، ولكن النظام أفشل تلك الاتفاقات في كل مرة.
السوريون العاديون الذي يعيشون في كلا الطرفين يدفعون الثمن عطشاً، وخصوصاً أولئك الذين يعيشون في مناطق سيطرة النظام، فهو لا يبالي بعطشهم وذلهم، بينما مؤيدوه ينعمون بنعمة الماء، والمساكن العسكرية تشرب من الصهاريج التي يرسلها إلى بيوتهم متى شاؤوا، بينما الآخرون ينقلون الماء من حي لآخر.
محمد من سكان حي الميدان، يقول بأنه سيصاب بالديسك أو (الفتاق) من نقل الكالونات من قلب العاصمة إلى الحي، وهذه الحال استمرت لأسبوع، والبعض يشتري الماء من الصهاريج التي تأتي من الريف ولا أحد يعلم ماهية الماء الذي تحمله.
في الريف، القصة مختلفة، فالماء متوفر في الآبار، والينابيع ما زالت تضخ بعض الماء، ولكنها جميعاً بدون استثناء، ملوثة، وهذا يفسر ارتفاع نسب الإصابة باليرقان والكوليرا، في قرى ومدن الريف الغربي، مثل قطنا وجديدة عرطوز والمعضمية، رغم محاولة التغلب عليها من أطباء المشافي الميدانية مع شح اللقاحات وإجراءات السلامة.
بالمقابل هناك من يدفع دماً ثمناً للماء، وهذه حال الثوار في بسيمة وعين الفيجة، الذين يواجهون قذائف مدفعية النظام وبراميله، فليس لديهم ما يضغطون به على النظام، سوى الماء.
سكان جبل الشيخ (عرنة - قلعة جندل)، وهم من الطائفة الدرزية، يبيعون الماء بأسعار مرتفعة وصلت إلى 50 ليرة سورية، يبيعونها للأهالي في الريف الغربي ودمشق بسبب أن الينابيع في الجبل نقية ولم تتعرض للقصف بالكيماوي والبراميل، كما في الغوطتين الغربية والشرقية، وأغلب سكان تلك القرى، من المؤيدين، الذي يضعون صور المجرم وشعاراته على صهاريجهم، ولكن ليس لدى الأهالي سوى خيار الماء النقي لأولادهم بالرغم من ذلّ التعامل مع القاتل ومؤيديه؟
التعليق