تصوير جثث ضحايا الحرب في سوريا بطريقة غير لائقة.. هل هو تجاوز على حرمة الميت؟

ما إن توسّد جثة أحد ضحايا الحرب على السرير في المستشفيات الميدانية أو المراكز الطبية حتى يسارع الناشطون الإعلاميون إلى تصويب كاميراتهم والتقاط الصور لها غير عابئين بالحالة التي تكون عليها، إذ غالباً ما تكون هذه الجثث مليئة بالغبار والأتربة وخصوصاً بالنسبة لمن تم انتشالهم من تحت الأنقاض والركام، وغالباً ما يكون لهذه الصور أيضاً تأثير سلبي لدى ذوي المتوفين ومعارفهم، مما دعا عدد من الناشطين إلى الطلب من الإعلاميين والموثقين في المشافي والطبابة الشرعية بأن يلتقطوا صوراً مناسبة قدر الإمكان عندما يقومون بتصوير جثة شهيد أو قتيل أو متوفى، وضرورة تنظيف الجثة من الأوساخ وتغطيتها ماعدا الوجه حرصاً على مشاعر ذوي المتوفى واحتراماً للمتوفى، بانتظار أن يكون هناك ميثاق شرف يضبط هذه الأمور.
 
وأوضح مدير مشفى مارع الميداني بريف حلب الدكتور، عبد الرحمن الحافظ، لـ"اقتصاد" أن "من يلتقطون هذه الصور غالباً هم أناس غير مؤهلين لهذا العمل وغير احترافيين وغير مستعدين لأن يمدوا أيديهم لتنظيف الشهيد أو على الأقل تغطيته".

 وتابع د. الحافظ أن "كثرة عدد الإصابات والشهداء التي تأتي متتالية بعد المعارك والقصف الجوي يخلق حالة من الفوضى ويصبح كلاً منهم يريد التوثيق والسبق الإعلامي".

وأشار د. عبد الرحمن الحافظ إلى أن القائمين على مشفى مارع الميداني بريف حلب نبّهوا بعض من يقومون بهذا العمل ولكن بشكل فردي، غير أن الأمر بحاجة إلى جهود جماعية للحد من هذه الظاهرة، حسب وصفه.
 
وحول إمكانية وضع آلية في المشافي الميدانية والمراكز الطبية تحد من هذه الظاهرة أوضح محدثنا أن"االوعي يجب أن ينطلق من الذات"، ويمكن أن يمنع المشفى التصوير إلا بعد أن يكون الشهيد في وضع لائق، ولكن في حال الازدحام تعم الفوضى مما يحول دون هذا الأمر، لذلك "يجب التركيز على المصورين والإعلاميين وإرشادهم إلى ما يجب عمله".

وفيما إذا كانت هناك تأثيرات سلبية مباشرة أو ردات فعل لهذا الأمر، قال د. الحافظ: "لم تحدث شكوى أو ردة فعل من هذا النوع في مشفانا، ولكنني أنا كمواطن تأثرت ببعض الصور بالرغم من أن أصحابها لا أعرفهم فكيف حال أهل صاحب الصورة".

ورأى رئيس المجلس الطبي في الغوطة الغربية، الدكتور أبو قتادة الحكيم، في حديث لـ "اقتصاد" أن "الشهيد لا يصور إلا في أفضل صورة وبعد موافقة ذويه"، مضيفاً أن"الوجوه سواء كان جريحاً أو شهيداً لا تُصوّر مهما كانت الظروف، مع مراعاة عدم ظهور العورة"، وأكد د. الحكيم أن مشافي الغوطة الغربية تمنع تصوير جثث الشهداء منعاً باتاً إلا من قبل شخص مختص في المشفى مراعاة لهذه الأمور.

وحول ضرورة وجود ميثاق شرف بخصوص هذا الأمر، وهل سعى أطباء وناشطو الغوطة الغربية إلى وضع مثل هذا الميثاق، أشار محدثنا إلى أن "هذا الموضوع إعلامي أكثر منه طبي"، مضيفاً: "ككوادر طبية يمكن أن نمنع التصوير في المشفى فقط"، وأوضح د. الحكيم أن "ميثاق الشرف في هذا الموضوع فكرة ممتازة يجب أن تجد تطبيقها العملي بالتعاون مع الإعلاميين والمجالس وكل الفعاليات على الأرض".

وبدوره، قال المعارض، عدنان الصباح المقداد، الذي أنشأ على موقع "فيسبوك" صفحة بعنوان "حرمة الجسد وامتهان الكرامة الإنسانية": "إذا كان للجسد الحي حرمة، فهذا يعني أن للجسد في حالة الموت حرمة أيضاً، وعندها نوقن أنه يليق بالإنسان أن يلقى الاحترام في مماته مثلما يلقاه في حياته، ولذلك لا يجوز تصوير ضحايا الحرب وهم أموات بهذا الشكل"، مضيفاً إن "من يلتقطون صوراً للأموات في أوضاع غير لائقة، غالباً يجهلون التأثير النفسي الكبير على ذوي الضحايا ومعارفهم، علاوة على انتهاك صورهم لحرمة الأموات والموت بشكل عام"، داعياً إلى وضع آلية للتعامل مع مثل هذه الحالات وضبطها وتوجيهها.

ترك تعليق

التعليق