سوق الترجمة المحلفة: أجور خرافية.. ومحلفون على الطريقة الأسدية
- بواسطة ناصر علي- دمشق - اقتصاد --
- 28 تشرين الاول 2015 --
- 0 تعليقات
نفس محل الترجمة (صدد) ترجم لي عقدي زواج إلى الإنكليزية، بسعرين مختلفين، مرة بألف ليرة وفي اليوم الثاني 600 ليرة، وهذا هو حال كل محال الترجمة التي كانت مكاتب وتحولت إلى دكاكين ليس أكثر، بعد أن أغدقت عليهم المأساة السورية بالكثير من المال الذي كان يأتي إليهم بالقطارة، قبل أن يقرر من بقي على قيد الحياة من السوريين أن يهاجر.
المكان ساحة المرجة في الطريق المؤدي إلى القصر العدلي حيث تجتمع كل مكاتب الترجمة على استلاب السوريين الذين يريدون ترجمة وثائقهم الصالحة للتقديم في دول الاغتراب (إخراج قيد- بيان زواج- بيان عائلة وولادة)، وكذلك خريجي الجامعات الذين يترجمون شهاداتهم وكشوف علامات السنوات الدراسية، والذين يحملون شهادات الخبرة المهنية إلى كل من يمكن أن يشهد لهم بالمهنية والتحصيل الدراسي.
لكل سعره، وهؤلاء لكي يقنعوك يطعنون بمهنية زملائهم، وهكذا يصل أجر ترجمة عقد زواج بالألمانية، إلى 6000 ليرة سورية لمرة واحدة، وهذا العقد يجب أن يمر على العدل ومن ثم الخارجية للتصديق وهذا يعني إضافة 1000 ليرة سورية طوابع، عدا عما يضيع من وقت في الانتظار.
والبعض منهم يمارس المضاربة فيقدم عروضاً أقل ما بين 4000-5000 ليرة للترجمة بالألماني بينما تتراوح أجور الانكليزي ما بين 2000- 3000 ليرة بسبب وجود الصيغة مترجمة ومحفوظة، ولكي تشعر بأنك تدفع وهم يتعبون، يطلب منك صاحب دكان الترجمة العودة بعد ساعتين على الأقل.
بيانات شخصية صغيرة مثل إخراج القيد والبيان العائلي ارتفعت أجورها من 300 ليرة أول الثورة إلى 1500 ليرة حالياً والسبب أنهم يشغلون مولدات الكهرباء عندما ينقطع التيار وهي دائمة الانقطاع، أما بالنسبة لكشوف العلامات فتصل إلى 8000-10000 ليرة سورية وباقي الشهادات والخبرات أجورها بين 1500- 2000 ليرة سورية.
أحد المواطنين الكبار بالسن يقول: "ذهب الأولاد ونحن نتحمل الآن عبء استخراج أوراقهم والله حتى الآن دفعت ترجمة واستصدار أوراق وطوابع ما يزيد عن 20000 ليرة فقط من أجل أن يكونوا بخير...نحن ندفع للنظام ثمن تهجير أبنائنا رسمياً".
المترجمون المحلفون لا يتوقف عملهم، فصاحب أحد هذه المكاتب يقول بأنه يرسل الترجمات مع الموظفين إلى بيوتهم من أجل إنجاز العمل، وكان هؤلاء الموظفين بلا عمل قبل الثورة، وهم الآن موظفون بمبالغ مرتفعة، وهذه من حسنات الثورة ومن مآسيها.
أحدهم يتندر على كلمة (محلف) فيقول: "أيمان هؤلاء الزملاء تشبه أيمان الأطباء وقسمهم وكذلك الصحفيين وميثاق شرفهم كله على الطريقة الأسدية.. أيمانهم ترد عليهم فقط كلهم لصوص يقبضون ثمن موتنا؟".
التعليق