لاجئة سورية تروي لـ "اقتصاد" تفاصيل احتجازها مع عشرات اللاجئين في قبرص

"عاملونا كأننا حيوانات"، بهذه العبارة القاسية لخّصت لاجئة سورية شابة انقطعت بها السبل مع عشرات اللاجئين، ما جرى لهم في مطار قبرص منذ أيام، من قبل البوليس القبرصي، حيث تعرضوا للاحتجاز والإهانات والشتائم لمجرد أن هؤلاء اللاجئين جاءوا إلى قبرص لختم دخول جديد إلى "غازي عينتاب" وفق ما تقتضيه القوانين التركية.
 
وروت" لينا صمودي" لـ "اقتصاد" تفاصيل ما جرى يوم الجمعة 16-تشرين الأول- أكتوبر، عندما كانت في مطار قبرص (الجهة التركية)، لختم دخول جديد إلى غازي عينتاب، ورغم أن أوراقها الخاصة بتجديد الإقامة في تركيا كانت – كما تؤكد- "نظامية ولا غبار عليها، لكنها عندما اقتربت من الموظفين لاستلام التجديد فوجئت بالموظفين يقولون لها بأن الإقامة ضاعت وعليها أن تجري معاملة جديدة".
 
دفعت لينا الغرامة في المطار وتم ختم الخروج، وعند وقوفها مع اللاجئين الآخرين على شباك ختم الإقامة، فوجئت بأن البوليس القبرصي يصادر جوازات السوريين ويتم إدخالهم إلى غرفة مجاورة كنوع من الاحتجاز. وتردف: "كنت مع كثيرين من اللاجئين قد حجزنا في أوتيل لليلة، وكذلك حجزنا بطاقة عودة بالطائرة".

وبعض اللاجئين-كما تؤكد- "كانت معهم إقامات نظامية وإقامات عمل، ولكن البوليس القبرصي لم يوفر أحداً وكانوا يقولون لكل واحد منا (أنت سوري أوراقك مصادرة وممنوع أن تدخل إلى قبرص مهما كان السبب)".

وتضيف محدثتنا: "قلنا لهم أننا دفعنا غرامات، وأن أمورنا نظامية، وأتينا من أجل الختم كي نتمكن من تجديد إقاماتنا لأن القانون التركي ينص على ضرورة أن يكون معنا ختم دخول جديد"، فكان جوابهم-كما تقول– (نحن هنا لسنا تركيا ولا اليونان نحن قبرص ولن نُدخل أي سوري).

وتصف "لينا الصمودي" مكان احتجازها مع عدد كبير من الأطفال في غرفة واحدة لا تتسع لعشرة أشخاص: "كنا حوالي 45 شخصاً، عاملونا معاملة سيئة وكأننا حيوانات"، وتستدرك: "عرضوا علينا أن نبيت في غرف أعدوها لمن يتم احتجازه في المطار، فرفضنا لأننا كنا نريد أن نخلص من المشكلة بأي شكل"، وعندها– كما تؤكد- "بدأوا يصيحون علينا بعصبية ويشتموننا وهددونا بأن من لا يدخل إلى هذه الغرف فلا ختم له وأننا يجب أن نبقى في هذه الغرف حتى يحين موعد مجيء طائرة الرجعة إلى "عينتاب".


وتردف محدثتنا: "أرغمنا البوليس القبرصي على الدخول إلى الغرف المعنية عنوة وكانت عبارة عن سجنين أحدهما للشباب والثاني للفتيات ثم أوصدوا الأبواب علينا".



كان وضع السجن الذي أودع فيه اللاجئون-كما تشير الشابة المحتجزة قسراً- يخلو من أي نافذة أو شباك وشبيه جداً بمعتقلات النظام السوري، مضيفة أن "دورات المياه كانت مقرفة لأبعد درجة، وتنتشر الحشرات والقوارض في كل مكان"، وتستدرك: "كان علينا أن ننام على الأرض لعدم وجود أسرّة، أما فرشات الأرض فكانت متسخة لأبعد حدود"، وتتابع: "كانت حيطان الزنزانة تمتلىء بكتابات باللغة العربية من مثل "يسقط بشار.. وغيرها مما يشير إلى أن المكان ضم محتجزين سوريين قبلنا".
 


في اليوم التالي من الاحتجاز تم إخراج المحتجزين وإيقافهم في صف طويل أشبه بصفوف المدارس أحاط به عناصر الشرطة من كل جانب، وراحوا يعدّون اللاجئين ويزجرونهم عند أقل حركة– كما تقول– وتضيف: "تركونا في قسم من المطار ريثما يتم تسليمنا "الباسبورات" من أجل الالتحاق بالطائرة التي كان موعدها الثالثة عصراً"، ولدى استلام "الباسبورات فوجئنا بأنها كانت خالية من إشارة دخول أو خروج".

وتمضي محدثتنا في سرد تفاصيل تجربتها الصعبة: "بعد وصلونا إلى عينتاب كانت بانتظارنا معاملة شبيهة بمعاملة القبارصة، حيث تم مصادرة الباسبورات وبقينا ساعتين ننتظر أن يسلمونا إياها"، ولكنهم-كما تقول –"وقّعونا على تعهد باستخراج إقامات خلال 10 أيام مع احتساب اليوم الذي كنا فيه رغم أن الساعة كانت حوالي السادسة والنصف مساء".

وحمّلت "لينا صمودي" مسؤولية ما جرى للأتراك الذين يدّعون احترام الإنسان والسوريين ويتاجرون بهم، "وإلا ما معنى أن يُفرض على السوريين أن يذهبوا إلى قبرص لتجديد الإقامة في تركيا". و"كان حرياً بهم –كما تقول- أن ينبهونا في "غازي عينتاب" أنه من غير المسموح دخول اللاجئين إلى قبرص، لا أن يرسلونا إلى هناك لنتعرض إلى ما تعرضنا له وهم يعرفون أننا لن ندخل إليها".
 
وفيما إذا كان هناك قرار قبرصي بعدم قبول إقامة أو مرور اللاجئين على أراضيها أكدت محدثتنا أن "التعامل مع السوريين كيفي وبمزاجية أكثر الأحيان ليس في قبرص فقط وإنما في كل دول العالم".

وأضافت: "ليس هناك قرار بخصوص منع السوريين من الدخول إلى قبرص فقد كنت أذهب من قبل إلى هناك، ولم يحصل شيء من هذا النوع ، ولكن أغلب الظن أن القبارصة يخشون من أن يهرب اللاجئون السوريون باتجاه اليونان".
 

ترك تعليق

التعليق