بدون مستندات وحالات ابتزاز أحياناً.. "اقتصاد" تسلط الضوء على تجارة العملة والحوالات في درعا

بدأت مكاتب الصرافة وتجارة العملة في الجنوب السوري المحرر، تشق طريقها بقوة في ظل غياب أي رقابة عليها من قبل أي جهة رسمية كانت، حيث أصبحت محلات الألبسة والموبايلات وغيرها، محلات لتصريف النقد الأجنبي والاتجار بالعملة، ما حقق أرباحاً معقولة للمتعاملين فيها، وحرك دورة العجلة الاقتصادية، التي تعاني أصلاً من ظروف صعبة مرتبطة، بما يدور على الأراضي السورية من عمليات قتالية، أدت إلى القضاء على كل مقومات الحياة الاقتصادية هناك.

وقال مصدر في مجلس محافظة درعا للإدارة المحلية في الحكومة المؤقتة، "إن محلات الصرافة أو تجارة العملة في المناطق المحررة شأنها شأن أي محلات أخرى، وهي تعمل بدون ترخيص، على الرغم من أننا نحبذ أن تكون مرخصة"، لافتاً إلى أنه لا أحد يمانع فتح مثل هذه المكاتب والمحلات ولكن المهم أن تكون ملتزمة بقواعد السلوك الأخلاقي وحسن التعامل والأمانة وإيصال الحقوق والأموال إلى أصحابها، حسب وصفه.

وأشار إلى أن حقوق الناس المالية محفوظة, وأن أي خلل بإمكان الشخص المتضرر تقديم شكوى عن طريق المجلس، حيث يتم تحويل شكاوى الأفراد إلى الجهات القضائية المختصة التي تقوم بتحصيل حقوقهم، ولاسيما المالية منها.

بدوره، يقول عدنان، أحد المتعاملين ببيع العملة، "بدأ الإقبال على العملات الصعبة في الأماكن المحررة منذ بداية الثورة, وذلك بسبب عدم ثقة الناس بالليرة السورية, لتذبذب قيمتها، ما دفع الكثير من التجار إلى مزاولة مهنة الصرافة، مع غياب الرقابة على التراخيص، حيث تتوفر مبالغ  كبيرة من القطع الأجنبي، وذلك بسبب وقوع المناطق المحررة في الجنوب السوري إلى جوار الأردن, ما أمن للتجار الحصول على العملات من مصادر وفيرة، أهمها حوالات المغتربين خارج سوريا، والمساعدات النقدية المقدمة من بعض الهيئات الإنسانية، ورواتب المقاتلين في الجيش الحر والفصائل المعارضة الأخرى، وبعض المعاملات التجارية الأخرى مع تلك الدول، وإن كانت على نطاق ضيق، يضاف إليها عمليات التهريب لبعض المواد والحصول على أثمانها بالقطع الأجنبي"، لافتاً إلى أنه، للأسباب سابقة الذكر، يكون سعر صرف العملة الأجنبية في درعا، أقل مما هو عليه في المناطق الأخرى من سوريا.

وأضاف المصدر: "يقوم التجار بشراء العملات من السوق السوداء في القرى والبلدات المحررة، ويتم بيعها في المناطق التي يسيطر عليها النظام بسعر أعلى، بهدف تحقيق الربح، وهذه العملية بدورها تعزز موقف الليرة السورية نتيجة امتصاص الطلب على العملات، في الأماكن الخاضعة للنظام، وبذلك يكون النظام المستفيد الأكبر من هذه المعاملات بطريقة غير مباشرة".

معتز، صاحب محل صرافة، يقول: "نحن نتعامل بالدولار بشكل أساسي، ولكن لنا معاملات أيضاً بالدينار الأردني والريال السعودي, وأصبح مؤخراً يتم التعامل باليورو، بعد أن هاجر عدد كبير من الشباب إلى أوروبا", لافتاً إلى أن المبالغ الشهرية التي يتم تحويلها لسوريين من خارج سوريا، ولاسيما من دول الخليج والأردن وتركيا، تبلغ عشرات الآلاف من الدولارات، وتحصيلنا منها جيد، حيث نتقاضى 20 دولاراً على كل ألف دولار، إضافة إلى الأرباح التي نحققها من تصريف العملة".

وأشار إلى أن فرع مكتبه يتعامل مع عشرات المكاتب في العالم, وله فروع حيث يتواجد السوريون، والعمل الذي يقوم به والمعاملات تؤمن دخلاً مقبولاً، لافتاً إلى أن معظم زبائن المكتب هم من المنتمين إلى الفصائل المسلحة، وبعض الناس ممن لهم أقارب خارج سوريا.

ويقول زيد، صاحب محل ألبسة يتعامل بالحوالات المالية، أن العمل في هذا المجال لا يحتاج إلى ترخيص من جهات معينة، وكل ما في الأمر أن تمتلك مبالغ كبيرة  من المال، تخولك للعمل في هذا المجال، إضافة إلى شبكة علاقات مع أصدقاء ومكاتب خارج المناطق المحررة، وخارج سوريا، مشيراً إلى أن كل المعاملات المالية والتحويلات, تتم بدون مستندات أو وثائق، وهي تقوم على الثقة وحسن النية، وتتم عبر الواتس وصفحات التواصل الاجتماعي، حيث يتصل المكتب الذي أتعامل معه في الخارج، ويقول "سلم لفلان مبلغاً مالياً وقدره /كذا/"، ونحن نتأكد من شخصية صاحب الحوالة والشخص المحول له، من خلال الهوية أو أي مستند رسمي تعريفي, ونسلمه الحوالة المشار إليها من المكتب خارج سوريا.

وقال: "أما نحن فنأخذ عمولاتنا من الفروع الأساسية، ومن المكاتب الكبيرة التي يكون أصحابها بالعادة مرتبطين بحسابات مالية في بنوك كبيرة خارج سوريا، عن طريق تجار كبار أو أقارب أو معارف موثوقين تحول الأموال إلى حساباتهم".

علي، أحد المتعاملين مع مكتب حوالات، قال: "لي أخ في إحدى دول الخليج، يرسل لي حوالة مالية كل شهر كمساعدة, بعد أن فقدت عملي وأصبت برصاصة طائشة في الظهر، سببت لي إعاقة دائمة، ولكن وعلى الرغم من أن المبلغ لا يتجاوز الـ200 دولار، يتقاضى المكتب أجوراً تزيد عن عشرة دولارات، علماً أن الأجرة عليها لا تزيد عن ثلاثة دولارات، وأضطر للقبول بذلك، لعدم وجود بديل لهذا المكتب، علماً أن المكاتب في مناطق أخرى منتشرة بشكل كبير".

أما غيث فيقول: "يحول أخي لي كل شهر نحو ستمائة دولار أوزعها على أسر يتكفلها من المحتاجين، حيث أقوم بتحويل المبلغ إلى الليرة السورية وتوزيعه على الأسر المستهدفة, لكني أدفع على المبلغ نحو 6 آلاف ليرة سورية حتى يصلني، وعندما أعترض يقول المكتب الفرعي تعال إلى المكتب الرئيسي في نوى، وخذ نقودك بالقطع الأجنبي، فأضطر للقبول لأن الطريق محفوفة بالمخاطر، إضافة إلى أن أجرة وسيلة النقل إلى نوى أو إلى نصيب أو إلى طفس، حيث تتركز المكاتب، تعادل تقريباً المبلغ المقتطع".

ويضيف غيث: "نعم، هي عمليات ابتزاز وأحياناً احتيال يخضع لها الناس عنوة، لأنه لا بديل لذلك، ولا يحكم هذه المكاتب أية قوانين، هذا عدا على أنهم يصرفون المبالغ بالليرة السورية أحياناً بنقصان عن السوق، بحجة عدم وجود قطع أجنبي لديهم".

ترك تعليق

التعليق