وصول مهاجرين سوريين إلى الولايات المتحدة.. وميتشيغان تطلب المزيد

بالنسبة لمحمود كراز ليس هناك عودة الى سوريا. ولكنه يشعر بانه موضع ترحيب في الولايات المتحدة حيث يحيط به طعام مألوف وثقافة مألوفة بينما يتعلم الانجليزية ويتدرب للحصول على وظيفة.

وفر كراز واسرته من حمص بعد ان ادى قصف منزله في الحرب الى مقتل قريبين له. وقضت الاسرة ثلاثة اعوام في الاردن قبل ان تستقر مؤخرا في ميتشيغان. واستقبلت الولاية، التي يوجد بها عدد كبير من ابناء الشرق الاوسط، نحو 75 لاجئا سوريا هذا العام، وأعلنت استعدادها لقبول المزيد. وخلافا لمناطق أخرى اعلن المواطنون فيها توجسهم من اللاجئين السوريين، تنظر اليهم ميتشيغان على انهم يمثلون فائدة مجتمعية واقتصادية وحلا لتراجع عدد السكان.

ويقول كراز (28 عاما) "الكثير من الناس قالوا لنا ان ميتشيغان بها الكثير من العرب وإنها فكرة جيدة ان تذهب الى هناك، ولكننا لم نكن نعرف ان بها كل هؤلاء العرب. كبداية يعد الامر ايسر كثيرا بالنسبة لنا".

وكراز وزوجته وابنه الرضيع هم من اول من وصلوا الولايات المتحدة من الفارين من الحرب السورية. ولكن هناك جزء من تاريخ يمتد لقرن للسوريين والعرب الاخرين في منطقة ديترويت. وهذا التراث والصلات الاقتصادية والثقافية التي تتركز في منطقة ديربورن يجعل من المرجح ان تكون ميتشيغان مقصدا رئيسيا للمهاجرين الحاليين. وتشمل مواقع إعادة التوطين الاخرى المحتملة شيكاغو وهيوستون ولوس انجلوس وألينتاون ببنسلفانيا.

وفر ملايين السوريين الى دول الشرق الاوسط المجاورة واوروبا، وتعهدت ادارة الرئيس باراك اوباما بقبول عشرة الاف لاجيء سوري خلال الاثني عشر شهرا القادمة. وانتقد مرشحون رئاسيون جمهوريون الخطة حيث قال تيد كروز وبن كارسون ان المهاجرين بينهم ارهابيون، بينما قال دونالد ترامب انه سيرسل بهم جميعا الى بلادهم.

ويختلف الحاكم الجمهوري ريك سنيدر عن قادة الحزب في ترحيبه بالسوريين، لاسباب انسانية وايضا لمعالجة تراجع عدد السكان والوظائف في الولاية. وقال ان من اجتازوا العقبات الامنية لديهم ما يقدمونه على الجانب الاقتصادي والثقافي، ويتحدث الى المسؤولين الاتحاديين حول ما يمكن ان تفعله الولاية لقبول المزيد منهم.

وعلى الاقل بين المسؤولين تعد المشاعر المعادية للعرب او للمهاجرين خافتة في ميتشيغان وفي اكبر مدنها.

فقال مايكل ميتشل من خدمة الكنيسة اللوثرية للمهاجرين واللاجئين، التي تقوم بمهمة اعادة التوطين في الولايات المتحدة "حان الوقت لينظر للاجئين والمهاجرين على انهم ذوو فائدة للمجتمع من حيث التنمية الاقتصادية وتنمية المجتمعات، ويبدو ان ديترويت فهمت ذلك. انها نظرة تنويرية للغاية".

واضاف انه لم يتم تحديد المواقع ولا الاعداد النهائية بعد، إلا أن منطقة ديترويت تتميز بوجود الكثير من الأمريكيين من اصول عربية بها، كما أن قادتها يطالبون بالمزيد من اللاجئين.

الجدل الاقتصادي هو الذي يسود ميتشيغان، التي تضررت صناعة السيارات بها بشدة جراء العولمة. وشهدت اكبر مدنها - ديترويت - اكبر حالات الافلاس بعد تراجع عدد سكانها بأكثر من مليون منذ الخمسينيات.

ويقول اسماعيل باشا، الذي قدم من سوريا مستهل الثمانينيات "ديترويت لن تعود لما كانت عليه دون زيادة في عدد السكان".

حضر باشا مؤخرا اجتماعا لمسؤولي وكالة اعادة توطين وقادة مجتمعيين وحكوميين واعمال طالبهم فيه عمدة ديترويت مايك داغان بتحديد كيف يمكنهم مساعدة القادمين الجدد. وكان داغان مؤخرا في واشنطن لابلاغ مسؤولين برغبة ديترويت في استقبال المزيد من اللاجئين.

ويقول باشا انه على مدار سنوات وظف لاجئين من البوسنة والهرسك، وصربيا، والعراق، وخلال الاسابيع الاخيرة، من سوريا ايضا، مضيفا ان اللاجئين دائما ما يعملون بجد وملتزمون.

ويقول "في الولايات المتحدة لدينا التزام اخلاقي امام هؤلاء الناس. في النهاية سيمثلون اصولا اقتصادية، وأحيانا يتم ذلك في غضون اسابيع قليلة".

وفي حين لم يتضح عدد السوريين الذين سينتهي بهم المطاف في ميتشيغان، قال باشا إنه والآخرين يعملون مع وكالات إعادة التوطين كي يكونوا مستعدين.

بالنسبة لكراز، الذي تقيم عائلته مع عائلة أخرى في مدينة ديربورن إلى حين إيجاد منزل، فإن حياة جديدة تتكشف: فقد بدأ الخباز السابق برنامج عمل ويفكر في افتتاح شركته الخاصة في يوم من الأيام.

وللحصول على إلهام، يمكنه النظر إلى الشارع: حيث مخبز ومقهى شاتيلا، الذي بدأ في سبعينيات القرن الماضي على يد مهاجر لبناني فر من الحرب، والآن يقوم بشحن معجناته عالميا.

وقال كراز، من خلال مترجمة هي جيرالدا هاتر، مديرة خدمات الهجرة واللاجئين في الجمعيات الخيرية الكاثوليكية بجنوب شرقي ميتشيغان، إن "كل شخص تعاملنا معه .. مستعد لمساعدتنا كي نصبح مستقلين ومكتفين ذاتيا".

وأضاف "سيكون من الرائع أن أعمل في نفس المجال، لكن هذا ليس شرطا. فأيا كانت الفرصة التي سأحصل عليها، لن أمانع مطلقا".

ترك تعليق

التعليق