ثلاث قصص لسوريين ندموا على الهجرة لأوروبا وقرروا العودة

 وعود بالنعيم تلقوها قبل بدئهم برحلات الموت، لكنها بدأت بالتكسر على أمواج البحار التي عبروها ولم تنتهِ بعد وصولهم إلى وجهتهم الأخيرة سواء كانو مجبرين أم أحرارا في اختيارهم، فتحول كثيرون منهم عن أمانيهم وباتوا يأملون بالعودة من حيث أتوا.

هذه حال العديد من السوريين الذين توجهوا إلى أوروبا واصطدموا بالواقع والحقيقة، بعيداً عن قصص من وصلوا قبلهم وحكايات الفيسبوك التي لا تنتهي وتصور الحياة بالنسبة للاجئ بالمثالية، لكن الإجراءات على أرض الواقع، وتعدد مواقع الفرز الأولي وعائق اللغة وضرورة الاندماج، بالإضافة إلى الضغط الشديد الناتج عن توجه الآلاف إلى اوروبا كلاجئين بأعداد غير مسبوقة شكلت عائقاً حقيقياً أمام عدد من الشباب السوري والعائلات، خاصة ممن لا يستطيعون التحمل والتأقلم مع الإجراءات البيروقراطية الطويلة للحصول على حق اللجوء، ومن ثم لم شمل العائلة مما دفع بعضهم للتقدم بطلب للتخلي عن اللجوء والعودة إلى سوريا أو إلى البلد التي قدم منها.

ياسين شاب سوري حاصل على شهادة من كلية الصيدلة في جامعة دمشق، وصل إلى ألمانيا منذ أكثر من ثلاثة أشهر بعد تحصله على فيزا إسبانية، وهو مالم يعلن عنه لدى وصوله ألمانيا أملاً في التغاضي عنها والحصول على حق اللجوء، وبالتالي لم شمل عائلتة المكونة من زوجته وثلاثة أطفال والمقيمين في دمشق، وهو مالم يحسن ياسين تقديره هذه المرة، فما إن قامت مصلحة الهجرة بتسجيل بيانات ياسين حتى تم اكتشاف الفيزا الإسبانية وعطلت إجراءات المقابلة بانتظار البت في قضيته، وهو أمر قد يأخذ أكثر من سنة كاملة من عمر ياسين ووقته إلى جانب عائلته وهو ما دعاه للتفكير جدياً بالعودة إلى سوريا قائلاً “لن أترك أبنائي معرضين للخطر لأمد غير منظور، كانت الخطة تهدف إلى الاجتماع مرة أخرى بعد أقل من 8 أشهر لكن ما حدث قد يضاعف هذه المدة إلى أكثر من ضعفين وهو مالا أستطيع تحمله”
لكن ياسين وجد أن إجراءات التخلي عن اللجوء عسيرة أيضاً، وقد تأخذ شهوراً وهو ما اعتبره ورطة حقيقية وقع فيها.

أما الشاب عادل فتوجه إلى أوروبا عن طريق الصدفة على حد وصفة، فعندما توجه إلى تركيا لقضاء شهر عسله التقى ببعض الأصدقاء القدامى الذين أقنعوه بالتوجه برفقتهم إلى أوروبا واعدين إياه بمستقبل مشرق وبناء حياة جديدة، خاصة وأنه حديث الزواج، وهو ما اقتنع به عادل وتوجه مع زوجته إلى أوروبا قبل إكمال شهر العسل لكن طريقهم المار من هنغاريا أوصلهم لأحد دوريات الحدود والتي قامت بتبصيمهم، وهو ما أجبره على التوجه إلى المانيا حصراً على اعتبار أنها الوحيدة التي تتغاضى عن بصمة هنغاريا، وهو ماتم بالفعل لكن الزحام الشديد والأعداد الهائلة من المهاجرين أجبرت عادل وزوجته على البقاء في المأوى المؤقت، وهو عبارة عن سكن جماعي كبير يشترك فيه القاطنون بكل شيء حتى في غرف النوم وهو ما شكل كابوساً يومياً لعادل وزوجته، حيث يقول: “لم أكمل شهر عسلي حتى، وهنا أعيش وزوجتي دون أي شعور بأننا حديثا العهد بالزواج، وحصولنا على حق اللجوء قد يستغرق عاماً كاملاً ولا أمل بنقلنا إلى سكن خاص بسبب كثرة أعداد اللاجئين فلا حل أمامي سوى العودة إلى دمشق! كنت قد اخطأت منذ البداية فأنا غير مطلوب للنظام ولدي محل صغير ودخلي لا بأس به، أرجو الموافقة على طلب عودتي بأقرب وقت ممكن”

لكن للسيد أبو عثمان تجربة مختلفة عن التجربتين السابقتين فأبو عثمان لم يستطع التأقلم مع الحياة الغربية ولا بأي شكل من الأشكال بحسب قوله وبعدما أجبر على السفر بحراً إلى أوروبا اكتشف حجم الخطأ الذي ارتكبه، ويضيف كنت قد شارفت على الإفلاس في تركيا ولم يعد أمامي خيارات مع تقدمي بالسن فتوجهت مع زوجتي وأبنائي الثلاثة عثمان وليلى وعليا إلى أوروبا، فوجدت عالماً مختلفاً تماماً لم أستطع التأقلم معه فهو مجتمع منفتح جداً مختلف عن مجتمعنا، ليس من حيث الدين فقط بل في كل الأوجه فلا أستطيع ترك بناتي يغوصون في تلك التجربة ولا ابني المراهق، وللحياة في أوروبا نمط ممل جداً على عكس الحياة الصاخبة في بلادنا وفي تركيا، وهو ما دفعني لإقناع أبنائي بالعودة إلى تركيا والبحث عن عمل هناك، وأشار أبو عثمان إلى أن اقناع أبناءه لم يكن بالصعب حسبما تصور بل كان الامر سهلاً خاصة مع تعلم العائلة للغة التركية وتكوينهم لعدد من الصداقات والمعارف حيث كانو يسكنون، وبالفعل ينتظر السيد أبو عثمان تذاكر الطائرة للعودة بعائلته إلى اسطنبول.

عشرات الآلاف من السوريين توجههوا إلى أوروبا هرباً من الموت، لكن نسبة ليست كبيرة منهم سوف تستطيع الاندماج والتأقلم مع الوضع الجديد ونسبة أخرى لن تفعل، خاصة أن عدداً كبيراً من الوافدين الجدد جاء بداعي التجربة والمغامرة والغيرة من قريب أو صديق وهو ليس بحاجة جدية للجوء عكس من سافر في البحار والأنهار والغابات والجبال هرباً من موت محقق للبدء بحياة جديدة، وهو ما يفسر رغبة البعض بالعودة، فمن كان يعيش في نعيم الخليج لن يستطيع العيش كلاجئ في أوروبا.

ترك تعليق

التعليق

  • الاتحاد الاوربي النازي قاتل الاطفال لن يكون الجنة الموعودة للشباب السوري . هولندا تجبر السوريين على النصرانية وتقوم بتعذيبهم بالمعتقلات النازية.هنغاريا النازية باعتراف السياسيين الاوربيين تعذبهم بمعسكرات انشات خصيصا للسوريين . الاتحاد الاوربي يقوم باكبر عملية اتجار بالبشر في تاريخ البشرية . اخطر من نقل الزنوج الى القارة الامريكية .