المخيمات الحدودية بريف إدلب.. انعدام شبه تام للرعاية الصحية وانتشار للأوبئة والأمراض الخطيرة

انتشرت في صفوف اللاجئين السوريين، وبخاصة لدى قاطني المخيمات الحدودية بريف إدلب، العديد من الأمراض الخطيرة، ومنها "اللايشمانيا" و"التهاب الكبد الوبائي" و"حمى التيفوئيد" وبعض الأمراض السارية الأخرى، مع انعدام شبه تام للرعاية الصحية لهم وبخاصة النازحون الذين يبيتون في العراء متنقلين بين أشجار الزيتون والمساجد أو في خيم عشوائية.

 وأفادت دراسة للرابطة السورية لحقوق اللاجئين أن "الريف الشمالي لمحافظة إدلب وبخاصة قرب الحدود التركية أصبح تجمعاً ضخماً للنازحين يحوي ما يقارب من مئتي ألف نازح معظمهم من حماة وادلب يعيشون حياة مأساوية بكل ما تحمله الكلمة من معنى دون توفر الحدود الدنيا لمتطلبات البقاء وعلى كل المستويات الطبية والتعليمية والمعيشية والأمنية أحياناً".
 
وامتدت الدراسة التي أُنجزت بالاشتراك مع الدكتور، مأمون السيد عيسى، لمدة أسبوع، من خلال جولات ميدانية برفقة كادر طبي وإغاثي وبعض الناشطين.

وبهذا الصدد، قال مدير الرابطة السورية لحقوق اللاجئين، محمد النعيمي في حديث لـ "اقتصاد" أن "نازحي الريف الشمالي لمحافظة إدلب ينقسمون إلى أربعة أقسام، نازحون من ميسوري الحال استطاعوا استئجار منازل في قرى وبلدات الريف الشمالي، ونازحون لجؤوا إلى أقارب لهم أو معارف من أبناء المنطقة يقاسمونهم لقمة العيش، ونازحون يبيتون في العراء متنقلين بين أشجار الزيتون والمساجد، والقسم الأخير هم النازحون الذين استقروا في مخيمات في خيم كتانية ضمن تجمعات في معظمها عشوائي التكوين والتنظيم، إلا إذا استثنينا بعض المخيمات التي تشرف عليها جمعيات خاصة".

ولفت محدثنا إلى أن "هذه المستويات الأربعة من النازحين قريبة جداً من بعضها من حيث مستوى المعيشة والرعاية الطبية وإلى ما هنالك من متطلبات العيش"، مشيراً إلى أن "أغلب المخيمات أقيم بشكل عشوائي ولازال عدم الانتظام هو ما يميزها وهذا ما ساهم في نقص واضح في الخدمات الصحية المقدمة للاجئي تلك المخيمات".

 ولاحظ فريق الدراسة – بحسب محدثنا- أن "هناك نقصاً على مستوى النقاط الطبية الصغيرة ولكن من الجيد أن مستوصفات ميديكا لمنظمة /ريليف/ ومستوصفات منظمة MDM وهي مستوصفات رئيسية، لا تشكو من ذلك النقص، وإن كان لديهم نقص في أدوية السعال والرشح وأدوية القمل والجرب".

أما المستوصفات والنقاط الباقية– كما يبيّن مدير الرابطة السورية لحقوق اللاجئين- فهي "تشكو من ضغط على الأدوية خاصة الأدوية الموسمية"، مضيفاً أن "هناك نقصاً في المضادات الحيوية والمسكنات وأدوية الأطفال وشرابات الرشح في فصل الشتاء خاصة، وكذلك تفتقر هذه المستوصفات لأدوية الجرب والقمل وحقن الكزاز والأنسولين، وإلى أجهزة الإرذاذ (لمساعدة لمرضى الربو) وأسطوانات الأوكسجين، ورغم أن جهاز الإرذاذ رخيص الثمن، فهو مهم جداً لمرضى الربو في الأزمات التي تأتيهم خاصة الأطفال، بسبب حصول حالات ربو وضيق نفس خاصة في فصل الشتاء، نتيجة استعمال المدافئ داخل الخيم، وهي أمكنة محصورة ذات تهوية قليلة، وكذلك من الضرورة تأمين أسطوانات الأوكسجين لحالات الاختناق".
 
وكشف محمد النعيمي أن 90% من النازحين هم دون خط الأمن الغذائي المعتمد دولياً، وهذا ما توصل إليه فريق الدراسة من خلال جولاته الميدانية وزيارة المخيمات حيث "تبين فقدان العناصر الغذائية الكبرى للمغذيات المزودة للطاقة بسبب قلة المعونات الغذائية الواصلة لأغلب المخيمات"، ويستدرك المصدر: "هناك كذلك نقص في العناصر الغذائية الصغرى مثل الفيتامينات بسبب عدم الحصول على مصدر الفيتامينات الأساسي وهو الخضار والفواكه لعدم تصدي أي جهة لتأمين هذه المواد".

وهذا الأمر، حسب النعيمي، يهيء لحدوث "عوز غذائي"، موضحاً أن "الدراسة التي أجريت بهذا الخصوص وعلى مستوى محدود بينت أن نسبة سوء التغذية لدى الأطفال بلغت 30%، ولكن يتوقع زيادتها بعد قدوم النازحين الجدد من منطقة ريف حماة وخان شيخون والريف الشمالي لحلب بسبب القصف الروسي في وسط سوريا وهجمات تنظيم الدولة في الشمال".

ودعا محدثنا إلى "ضرورة التحري عن عدد من أشكال العوز لخطورتها وهي، عوز فيتامين أ وفقر الدم بعوز الحديد للأطفال الصغار والنساء الحوامل"، مطالباً بـ"العمل على زيادة المعونات الغذائية المقدمة لمخيمات اللاجئين وعلى زيادة الحصص الغذائية للمخيمات الحدودية".

وطالب النعيمي بضرورة "توفير خدمات الرعاية الصحية الملائمة للمقيمين في المخيمات وأن تكون هذه الخدمات في سلم الأولويات بالنسبة لإدارات المخيمات والجهات المهتمة"، مشيراً إلى أنه "في أغلب المخيمات الحدودية مع تركيا هنالك منظمات تُنشىء المخيمات لكن لا تتكفل بتأمين مستلزمات المخيم الإغاثية أو الطبية".

ونوّه النعيمي إلى أن هذا الوضع الصحي السيء أدى لشيوع العديد من الأمراض السارية وبخاصة في المخيمات الحدودية المتاخمة لمحافظة إدلب، إذ ظهرت اللايشمانيا في المخيمات بسبب الوضع الخدمي الرديء والبيئة السيئة المحيطة بالسكان، ويُلاحظ غالباً عدم وجود صرف صحي وكذلك يُلاحظ تجمع مخلفات الصرف الصحي قرب المخيمات.

واستطرد المصدر: "كان وضع توفر أدوية اللايشمانيا مقبولاً وقد تراجعت عن العام الماضي"، وأردف محدثنا أن "هناك دلائل تشير إلى انتشار حمى التيفوئيد في مدينة سلقين وما حولها من مخيمات، بسبب سوء تعقيم المياه واختلاطها مع مياه الصرف الصحي حيث استهدفت أعمال القصف التي يقوم بها النظام أنابيب المياه والصرف الصحي".

وختم النعيمي كلامه مطالباً بـ "تشكيل هيئىة تنسيق إغاثية لا تستلم أي إغاثة، وتقتصر في عملها على التنسيق بين الجمعيات عبر بنك معلومات حول واقع واحتياجات النازحين وضبط آلية عمل هذه الجمعيات التي تحول معظمها إلى دكاكين ارتزاق وتسول"، مشيراً إلى أن الحاجة اليوم تستدعي توفير ما لا يقل عن 1000 خيمة لإيواء النازحين الجدد وإبدال العديد من الخيم المهترئة كون الشتاء على الأبواب".

ترك تعليق

التعليق