رغم وفرة محصول سوريا من القمح.. نظام الأسد مضطر للاستيراد

نشرت "رويترز" تقريراً يوضح أن نظام الأسد فشل في الاستحواذ على كميات من القمح تغطي حاجة سكان المناطق الخاضعة لسيطرته، وذلك رغم وفرة محصول القمح بسوريا، هذا العام.

وباع المزارعون السوريون كميات من القمح لحكومة النظام، أقل مما باعوه العام الماضي، رغم أن محصولهم كان أفضل، وعرضت حكومة النظام سعراً أعلى.

وأدى ذلك إلى عجز كبير لابد من سده بالاستيراد من الخارج، الأمر الذي يواجه تعقيدات بسبب العقوبات الغربية على نظام الأسد.

وقد فقدت حكومة بشار الأسد سيطرتها على الكثير من مناطق إنتاج القمح في الاشتباكات التي بدأت باحتجاجات للمطالبة بالديمقراطية، حسب وصف "رويترز".
 
لكن حكومة النظام قالت في شباط الماضي إنها ستتحاشى الاستيراد بشراء القمح من المزارعين السوريين في مختلف أنحاء البلاد.

وكان الهدف وراء ذلك إعادة تأكيد سلطتها وتأمين الامدادات من الخبز المدعم الذي ينتظره سكان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

وقالت مصادر بحكومة النظام إنه مع اقتراب موسم الشراء المحلي للقمح من نهايته بلغت حصيلة مشتريات النظام من المزارعين 454 ألفاً و744 طناً بالمقارنة مع 523 ألف طن في العام الماضي، ومع مثلي هذه الكمية في العام الذي سبقه، ونحو 2.5 مليون طن سنوياً قبل تفجر الثورة بسوريا.

ويبدو أن زيادة السعر إلى 61 ليرة سورية (0.2772 دولار) للكيلوجرام من 45 ليرة في العام الماضي لم يكن لها أثر يذكر.
 
ورفعت حكومة النظام سعر رغيف الخبز بنسبة 40 في المئة في كانون الثاني، ويقول سكان إن كمية الدقيق (الطحين) المستخدمة في صنع الرغيف قلت منذ آذار الماضي من أجل ضمان استمرار المعروض من الخبز.

ومع ذلك فقد باع كثير من الفلاحين محاصيلهم بأسعار أرخص لوسطاء يصدرونها إلى العراق وتركيا أو زرعوا محاصيل أخرى.

وقال تاجر أوروبي "النقل لمسافات طويلة محفوف بالخطر في البلاد بسبب استمرار القتال لذلك فالمجازفة بالإهدار كبيرة أثناء النقل".

وفرّ أربعة ملايين سوري من البلاد منذ بدأت حكومة النظام حملتها على المحتجين وما أعقبها من تداعيات عسكرية منذ العام 2011. لكن التقديرات تشير إلى أن حوالي 18 مليون شخص مازالوا يعيشون في البلاد، نسبة كبيرة منهم في الشطر الغربي الخاضع لسيطرة النظام.

ويقول تجار ووسائل إعلام محلية إن حكومة النظام تحتاج بين 1 و1.5 مليون طن من القمح لتوفير الخبز في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وقال تاجر سوري يعمل في تجارة السلع الأولية "في الواقع من الأرخص للحكومة الآن أن تستورد القمح من أن تنقل المحصول المحلي السوري من مختلف أنحاء البلاد بكل ما في ذلك من صعوبات كثيرة في النقل بالشاحنات".

لكن حكومة النظام لم تصادف سوى نجاح محدود في شراء القمح من الأسواق الدولية لأن العقوبات التي تفرضها على دمشق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية تزيد من صعوبة التمويل المصرفي رغم إعفاء المواد الغذائية.

وقال تاجر من منطقة الشرق الأوسط يعمل في مجال السلع الأولية ومطلع على الوضع في سوريا "يبدو مجدياً أكثر الآن أن تتجه الحكومة للاستيراد... أما ما إذا كان بإمكانهم تدبير التمويل فمسألة منفصلة".

وفي تموز الماضي قدرت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة أن حكومة النظام ستحاول شراء 600 ألف طن من القمح من الأسواق الدولية هذا العام في حين أن مستوردي القطاع الخاص سيستوردون 200 ألف طن أخرى.

وحتى الآن طلبت حكومة النظام مرتين شراء القمح في مناقصات عامة وحاولت إتمام صفقة مقايضة. وبلغ اجمالي الحجم المطلوب في المحاولات الثلاث 450 ألف طن.

ولم يتضح ما إذا كانت هذه الصفقات قد استكملت أو ما إذا كانت منظمة الفاو على علم بالرقم المتوقع لمشتريات حكومة النظام هذا الموسم عندما أصدرت تقديرها أن الحكومة ستستورد 600 ألف طن.

وتوقعت المنظمة أن تبلغ واردات القطاع الخاص 200 ألف طن وأن يبلغ حجم المساعدات الغذائية 180 ألفاً ليصبح العجز على مستوى البلاد 800 ألف طن.

* مناطق المعارضة

وحسب "رويترز"، قال المجلس الوطني السوري المعارض المدعوم من الغرب إنه استخدم منحة قطرية تبلغ 15 مليون دولار في شراء 80 ألف طن من القمح من إدلب وحلب ودرعا وعرض على المزارعين ما بين 230 دولاراً و240 دولاراً للطن أي ما بين 0.4 و0.3 دولار أقل مما عرضته حكومة النظام.

وقال وليد الزعبي وزير الزراعة في الحكومة المؤقتة "حكومة النظام تشتري من المناطق التي تسيطر عليها. أما معارضوها فيحاولون البيع لنا. لكن الأمر صعب بسبب صعوبة النقل".

وتقل مشتريات المجلس الوطني من القمح كثيراً عن المطلوب لسد الاحتياجات في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة وأغلبها في أيدي أكراد سوريا أو جماعات جهادية إسلامية مثل تنظيم الدولة الإسلامية.

وتسيطر "الدولة الإسلامية" على محافظتي الرقة ودير الزور اللتين تعتبران سلة غذاء سوريا في حين أن محافظة الحسكة في الشمال الشرقي حيث الأراضي الصالحة للزراعة تخضع إلى حد كبير لسيطرة إدارة كردية ذاتية. ومازالت مناطق في تلك المحافظة ساحة قتال بين ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية و"الدولة الإسلامية".

ورغم أن تنظيم "الدولة الإسلامية" يسيطر على مناطق واسعة من الأرض بين محافظة الحسكة وغرب البلاد الخاضع لسيطرة حكومة الأسد فمازالت رحلات جوية تتم بين دمشق ومطار مدينة القامشلي الذي يخضع لسيطرة النظام في الحسكة حيث تم تجميع أكثر من 300 ألف طن من القمح في العام الجاري.

وقال تاجر السلع الأولية السوري "كلفة نقل القمح من الحسكة إلى دمشق يمكن أن ترفع السعر في بعض الأحيان لما يتجاوز ثلاثة أمثال القمح المستورد".

ويحاول تنظيم "الدولة الإسلامية" جمع القمح من المناطق التي يسيطر عليها وطحنه وفي العام الماضي نقل كميات كبيرة من القمح من سوريا إلى المناطق الجديدة التي استولى عليها في العراق.

وكانت حكومة النظام قدرت محصول القمح في البلاد بثلاثة ملايين طن في 2015 بالمقارنة مع أقل من 1.9 مليون طن في العام الماضي. وقالت الفاو إن المحصول سيكون أقرب إلى 2.445 مليون طن هذا العام في حين ذكر المجلس الوطني تقدير مليوني طن.

وكان المحصول السوري قبل الحرب يبلغ في المتوسط 3.5 مليون طن.

وفيما تتقلص مساحة الأرض الخاضعة لسيطرة حكومة النظام، تقيم المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب (حبوب) في سوريا 22 مركزاً لتجميع القمح هذا العام انخفاضاً من نحو 31 مركزاً العام الماضي ومن 140 مركزاً قبل الثورة.

وفي العام الماضي حاولت مؤسسة حبوب أن تبيع للعراق 200 ألف طن من محصول القمح لعام 2013 لم تستطع نقلها من صوامع الحسكة لكن مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" اجتاحوا محافظة نينوى العراقية وتم إلغاء الصفقة.

ترك تعليق

التعليق