فندق مهجور في جزيرة كوس يتحول ملجأ للمهاجرين


تحول فندق مهجور متهالك في جزيرة كوس اليونانية ملجأ لعشرات المهاجرين الفارين من الحرب والفقر في بلدانهم، على وقع موجة هجرة غير مسبوقة الى اوروبا تسببت لها باسوأ ازمة منذ عقود.

يجلس العشرات حول حوض السباحة الفارغ، بينما يستلقي اخرون على فراش في المكان الذي كان في السابق منطقة الاستقبال في فندق "كابتن الياس"، فيما تنتشر الخيم والاكشاك الصغيرة المصنوعة من الكرتون وجذوع الشجر في حديقة الفندق.

اما الحقول الخالية المحيطة بالفندق فقد اصبحت مراحيض للمهاجرين، بينما تحول السياج حبلا لنشر الملابس لتجفيفها.

ويقول ايرشا (25 عاما) المهندس من هراة في افغانستان والذي لم يبق معه مال بعد ان دفع للمهربين خمسة الاف دولار (4500 يورو) ليصل الى كوس، "لم يأت احد منذ اربعة ايام ليقدم لنا الطعام. وحتى عندما ياتي اي شخص، فان الطعام ليس كافيا، فعددنا كبير جدا".

واصبحت الجزيرة اليونانية رمزا للطريقة الفوضوية التي تتعامل بها اوروبا مع ازمة اللاجئين والتي وصفها مفوض شؤون الهجرة في الاتحاد الاوروبي ديميتريس افراموبولوس بانها "الاسوأ منذ الحرب العالمية الثانية".

وشهد الاسبوع الماضي حالة من الفوضى عندما اضطرت الشرطة الى ضرب اللاجئين بالهراوات ورشهم باجهزة اطفاء الحريق في ملعب رياضي في الجزيرة تجمع فيه نحو 2000 مهاجر لتسجيلهم.

وينام العديد من المهاجرين، مثل الموجودين في الفندق، في ظروف صعبة في الجزيرة منذ اسابيع.

ويقول ايرشا الذي غادر افغانستان الى اليونان عبورا بباكستان وايران وتركيا للفرار من "الخطف والتفجيرات"، انه في الجزيرة منذ 17 يوما.

ويضيف "اريد ان اذهب الى اثينا، وبعد ذلك الى المانيا او السويد. في افغانستان كل رجل لديه ميليشيا وعليك ان تكون تحت امرة واحد منهم. اريد لنفسي حياة اخرى".

ولكنه كالعديدين في فندق "كابتن الياس" يشعرون بالاحباط. فالفندق ليس مأوى رسميا وبالتالي فانه لا يقدم لسكانه اي شيء.

يقول بهنا الذي جاء الى كوس من ايران "الوضع هنا سيء جدا. في الليل لا كهرباء، لذلك فاننا جميعا ننام عند الساعة السابعة او الثامنة مساء. الوضع محزن للغاية".

وعندما يصل زوجان اميركيان بسيارتهما الى الفندق، يتهافت العشرات لتحيتهما.

والزوجان متطوعان ياتيان لتقديم الطعام والماء وحفاضات الاطفال للمهاجرين.

في البداية تتعالى الضحكات من الحشود عندما يحصل بعضهم على حبات من البرتقال او الطماطم او زجاجات الماء. ولكن اليأس يتسبب باندلاع شجار بالايدي بين اثنين من المهاجرين ما يدفع باصدقائهم الى التدخل لفض الخلاف.

وتقف النساء والاطفال وهم يشاهدون ما يحدث، ويبكي الاطفال خوفا.

احد المتطوعين يدعى سيروس وهو بحار يعيش ويعمل على القوارب طوال العام مع زوجته.

يقول سيروس وهو في الاربعينات من العمر "نحن مواطنون عاديون نحاول ان نساعد. لا ادري اين هي الحكومات".

ويضيف "هؤلاء اشخاص عاديون مثلي ومثلك، يحاولون ان يجدوا مكانا لهم في العالم".

وتقول زوجته لوكالة فرانس برس "الوضع صعب للغاية. لا مساعدات كافية".

وهذان الزوجان الموجودان في كوس منذ يومين فقط، هما من بين قلة من السكان المحليين والسياح الذين تطوعوا لتقديم المساعدة في غياب المساعدات الحكومية.

وتقول ستيلا نانو المتحدثة باسم وكالة اللاجئين التابعة للامم المتحدة "ليس هناك نظام لتوزيع الطعام على الناس في فندق كابتن الياس".

وتشير الى ان "الفندق ليس ملجأ رسميا، وندعو السلطات الى تخصيص مكان محدد يذهب اليه هؤلاء الاشخاص".

وتتبادل اثينا وسلطات كوس اللوم كما تلوم الجهتان الاتحاد الاوروبي على نقص المساعدات للاجئين.

وصرح جورج كريستسيس رئيس بلدية كوس لوكالة فرانس برس "وزيرة الهجرة مسؤولة عن الوضع السيء الذي يعاني منه هذا المكان (...) مجلس المدينة يفعل ما بوسعه، فنحن نجمع القمامة ثلاث مرات يوميا".

واتهمت وزيرة الهجرة تاسيا خريستودوبولوس رئيس بلدية كوس هذا الاسبوع برفض الاقتراحات بانشاء مناطق استقبال للمهاجرين "لانه اعتقد انه سيتمكن بهذه الطريقة من وقف تدفق المهاجرين".

اما الاتحاد الاوروبي الذي تعرض لانتقادات من مجموعات حقوقية بسبب كيفية تعامله مع ازمة المهاجرين، فقد تعهد الجمعة تسريع منح اليونان تمويلا جديدا للتعامل مع الازمة.

الا ان ستيلا نانو اوضحت ان التمويل قد ياتي متاخرا جدا.

واضافت "الناس موجودون هنا الان، وهم جائعون".

وذكرت منظمة اطباء بلا حدود التي توفر بعض المساعدات للاجئين في الفندق، ان على السلطات التحرك بسرعة.

وقالت جوليا كورافا المتحدثة باسم المنظمة "هذا المكان غير مناسب للبشر (...) ومن غير المقبول ان يبقى الناس هنا لاكثر من 20 او 25 يوما بدون كهرباء او طعام".

واضافت "نطالب السلطات بتغيير الوضع وتحمل المسؤولية".

ترك تعليق

التعليق