اتهامات لمرافق "غازي كنعان" بحرق بلدية حمص ومخاوف من "التعفيش العقاري"

 أكد مصدر مسؤول في مدينة حمص لـ "اقتصاد"، أن مبنى مجلس المدينة تم نهبه على مدى عدة أشهر قبل أن يحرق. وكشف أن جميع صحائف السجل المؤقت احترقت، وأتلفت جميع الأضابير الذاتية للعاملين في البلدية، بالإضافة إلى إحراق عشرات الآلاف من الوثائق والسجلات المالية وجداول الأتمتة المتعلقة بكل ماله علاقة بمجلس المدينة من قرارات وتوصيات وموازنات وخرائط عقارية وغيرها.

 ولفت المصدر، رافضا الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، إلى وجود ملفات فساد في البلدية، ولكنها مخفية ولا تحتاج إلى حرق لتغطيتها، لأنها بالأساس مغطاة من قبل أعلى المستويات في هرم النظام، مشيرا إلى أن المستفيدين من إحراق مبنى البلدية غايتهم هي إحراق أي وثائق قد تدينهم مستقبلا في حال سقوط النظام.

 وفي نفس السياق، لم يستبعد المصدر أن يلجأ الموالون للنظام من السماسرة وتجار العقارات المحميين من كبار ضباط أمن النظام- في المستقبل القريب- إلى استخدام أساليب التحايل و"التعفيش العقاري"، للاستيلاء على عقارات الحمصيين (أكثر من مليون نسمة) الذين هجرهم نظام الأسد من مدينتهم رغما عنهم، وذلك عبر تقديم طلب استخراج بديل لمديرية المصالح العقارية، بغية الحصول على سند تمليك عقاري "بدل ضائع" للسيطرة على العقارات، خاصة وأن مشروع الأتمتة الذي بُدئ به قبل الثورة لم ينجز منه سوى 30% بحسب ما ذكر المصدر.

*دور "عضو مجلس الشعب"

 وفي السياق نفسه، كشفت مصادر خاصة واسعة الاطلاع في مجلس مدينة حمص لـ"اقتصاد" عن الأسباب الحقيقية التي دفعت موالي النظام إلى إحراق مبنى مجلس مدينة حمص (المجمع الحكومي) المكون من 10 طوابق وذلك بتاريخ 1/ 7 / 2013. واتهمت المصادر عضو "مجلس الشعب" لدى النظام "وائل ملحم" بالعملية، معتبرة أنه المستفيد الأكبر من إحراق هذا المبنى الذي يضم أرشيفا ضخما لبلدية حمص منذ أن تأسست عام 1869. وذكرت أن الملحم المرتبط بعلاقة مصاهرة و"بزنس" مع متزعم ميليشيا "الدفاع الوطني" في حمص "صقر رستم"، جمع ثروة ضخمة تعود إلى الفترة التي كان خلالها مرافقا برتبة "مساعد أول"، لرئيس شعبة الأمن السياسي السابق اللواء غازي كنعان الذي اغتيل عندما كان وزيرا لداخلية النظام في مكتبه في تشرين أول/أكتوبر/2005. وأكدت أن الملحم اشترى آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية القريبة من مدينة حمص عدا عن الكثير من المزارع والفيلات الواقعة في منطقة "الأوراس" المتاخمة للحدود الإدارية الجنوبية لحمص بل وحتى داخل أحيائها. كما كشفت المصادر أن الملحم على علاقة "وثيقة ومشبوهة" بالعديد من المسؤولين المتنفذين في بلدية حمص ومجلس المحافظة ممن يسهلون عمله في كشف المخططات التنظيمية المقترحة للمناطق التوسعية التي ستدخل في المخطط التنظيمي للمدينة مستقبلا، بالإضافة إلى "تسوية" الذمم المالية المتراكمة عليه تجاه مجلس المدينة، إضافة إلى التلاعب بالصحائف العقارية التي تخص عقارات مهجورة تعود ملكيتها لورثة يقيمون خارج البلاد منذ زمن طويل.

وكشفت المصادر أن وثائق ذات أهمية بالغة تمت سرقتها من خزائن وأرشيف مبنى بلدية حمص قبل أن يعمد عناصر ميليشيا "الدفاع الوطني" لاحقا إلى إشعال النيران في المبنى المجهز بوحدة مركزية لإطفاء الحريق والإنذار المبكر، علما -والكلام للمصادر- بأن المبنى المذكور والمنطقة المحيطة به لم تخضع قط لسيطرة المعارضة المسلحة. وأشارت إلى أن النيران شوهدت تندلع في بداية الأمر في الطابق السابع، حيث مقر السجل المؤقت الذي يحتوي على جميع السجلات العقارية والمالية ثم امتدت النيران، لتشمل جميع أدوار المبنى.

وقالت المصادر إن الواجهة الخارجية للطابق السابع لم تتضرر أو تحدث فيها أي فجوة تشير إلى تعرضها لقذيفة هاون أو مقذوف صاروخي، كما زعم إعلام النظام حينها.

 *حمص دون وثائق

وحسب ما نقلت وقتها، اللجنة السورية لحقوق الإنسان، عن الباحث سعيد النظلة، الذي شاهد عملية حرق المبنى، أن إحراق السجل العقاري لحمص وريفها كاملاً "عمل مقصود ومتعمّد، فالحريق كما رأيناه كان يتم طابقاً بعد طابق، والآن حمص ومناطقها وقراها أصبحت بدون وثائق ملكية".

ويحتوي مبنى المجمع الحكومي الكائن في حي الأربعين وسط حمص والمشيد عام 1973، على إدارات حكومية هامة كمقر "المؤسسة العامة للسكر" و"المصرف الزراعي" و"مؤسسة عمران لمواد البناء"، إضافة إلى رئاسة بلدية حمص وبعض مديرياتها.

يُشار إلى أن السجل العقاري في سوريا بدأ بالانتظام ما بين عامي 1909 و1914 وفي عهد الاحتلال الفرنسي تمت عملية واسعة لتدوين السجلات العقارية لتوثيق الملكية العقارية وفقا لما هو متبع في الدول الغربية آنذاك.

ترك تعليق

التعليق