أسواق جنوب دمشق تزدهر من جديد ولكن.."الجمل بليرة وما في ليرة"

 شهدت أسواق جنوب العاصمة دمشق تحسنا ملحوظا في حركتها خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، حيث امتلأت الأسواق بالمنتجات والبضائع الغذائية والخضروات وبأسعار رخيصة نسبيا إذا ما قورنت بما كانت عليه قبل هذه الفترة، حتى أن بعض الخضروات باتت أرخص مما هي عليه في أسواق دمشق.


فبعد نحو عام ونصف من الحصار الذي فرضه النظام على المنطقة والحالة التي وصل إليها المحاصرون من جوع وندرة في المواد الغذائية وصلت حد المجاعة، عادت أسواق المنطقة إلى الازدهار من جديد وتحديدا بعد دخول تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى مخيم اليرموك مطلع شهر نيسان/ أبريل الماضي.

ويعيد مراقبون تزامن هذا الازدهار والوفرة في البضائع مع اقتحام التنظيم لمخيم اليرموك إلى عدة عوامل لعل أبرزها هو تسريع النظام لتنفيذ واستكمال اتفاقيات المصالحة مع بلدات (يلدا، ببيلا، بيت سحم، القدم، العسالي)، والتي كان من شأنها فتح معبرين لإدخال المواد الغذائية والإغاثية إلى المنطقة على مصراعيهما وهما "معبر العسالي" و"معبر ببيلا".

كما أن قضية نزوح أهالي المخيم إلى البلدات المجاورة بسبب كثافة القصف من قبل النظام على المنطقة إبان اقتحام التنظيم للمخيم وما أثاره من عاصفة إعلامية سلطت الضوء على قضية المخيم؛ ضغط بشكل كبير على النظام أيضا لإتاحة المجال لعمل الهيئات الإغاثية والإنسانية وخاصة منظمة "أونروا" والهلال والصليب الأحمر، اللواتي أدخلن إلى المنطقة عشرات آلاف السلات الغذائية مساهمة بإغراق أسواق المنطقة بالمنتجات الغذائية.


فبعد أن وصل سعر كيلو الأرز إلى نحو 5 آلاف ليرة في شهر آذار.. بات الآن دون 300 ليرة في أسواق مخيم اليرموك، حيث يلجأ كثير ممن يحملون "البطاقة الزرقاء" (المسجلين في أونروا من أبناء المخيم) إلى بيع حصصهم الغذائية ليحصلوا على السيولة المالية.

ونظرا لكثافة المواد المطروحة في السوق واعتماده بشكل حتمي على قانون العرض والطلب، تراجع الطلب على الخضروات وهي في معظمها إنتاج محلي، الأمر الذي دفع المزارعين إلى خفض أسعارها، حتى وصل بعضها إلى أسعار منافسة بل وأرخص مما هي عليه في دمشق، فمثلا محصول "الكوسا" 25 ليرة للكيلو غرام الواحد في جنوب دمشق بينما يفوق 75 ليرة في دمشق، وكذلك المشمش والباذنجان والسبانخ والحشائش باختلاف أنواعها.

إلا أن هذا الهبوط الكبير في أسعار المواد الغذائية ووفرتها اصطدم بعائق أكبر وهو نقص السيولة بل وانعدامها لدى الكثير من الناس، فحصار 3 أعوام دون فرص عمل خلف جيشا من العاطلين عن العمل دون مورد ثابت للرزق، باستثناء ما تقدمه بعض الهيئات الخيرية من هبات مالية للعائلات رغم قلته الشديدة.


ويعلق "سامر" ساخرا وهو من أبناء مخيم اليرموك "الجمل بليرة ومافي ليرة" ويضيف "الأحوال الآن من حيث توفر الأغذية ممتاز، إلا أن للحياة مصاريف كبيرة هنا وليس لدينا أي مورد للمال". فمثلا المحروقات التي يستخدمها الأهالي لتشغيل مولدات الكهرباء نادرة وبأسعار مرتفعة وذلك لمنع النظام دخول المحروقات إلى المنطقة، وهو ما دفع السكان إلى استعمال المحروقات البديلة "المحروقات المستخرجة من المواد البلاستيكية" كبديل عن تلك الأصلية، ورغم ارتفاع سعرها بشكل كبير نظرا لانحسار المواد الخام المصنعة منها (ليتر البنزين الصناعي 400 ليرة) إلا أنها لا تبدو بديلا مثاليا عن نظيرتها الأصلية، وذلك لما تخلفه من أعطال فنية في المحركات وذلك يعود إلى طبيعتها البلاستيكية اللزجة.

ترك تعليق

التعليق