"أبو مراد".. لاجئ سوري "ينجح" في "اختبار الوفاء" لزوجته الضريرة

 حط رحاله في أعقاب رحلة شاقة، بردها أشد من لهيب شمسها في "الطرة" الأردنية، تلك القرية التي يقصدها مواطنوه بحكم قربها الجغرافي من محافظة "درعا" السورية، وإطلالتها على العديد من قراها، كأنهم بذلك يحرصون على المكوث بجانب وطنهم الجريح، علهم يستنشقون هواءه وإن تلوث بدخان الحرائق، ودوي القنابل، وامتزج برائحة الدم التي تفوح منذ أكثر من 4 سنوات.

اللاجئ السوري أحمد الحسنين، الشهير بأبي مراد، يخطو في عقده السبعين، بوهن زاده الفقر والاغتراب وفقدان زوجته "حنان" لبصرها، قبل نحو عام، إثر معاناة لم تتوقف مع مرض السكر.

"فقدت زوجتي بصرها، وتزوجت ابنتي الكبرى، فلم يكن هناك بد من أن أقوم أنا بأعمال المنزل كغسل الملابس، وتنظيف الصحون، وإعداد الطعام"، يستهل أبو مراد حديثه لمراسل الأناضول.

ويضيف "إن قيم الوفاء هي التي تدفعني لإعانة زوجتي والقيام بواجباتها نيابة عنها، فلطالما قامت هي بهذا الدور عندما كانت صحتها جيدة.. فكيف أتخلى عنها الآن بعد أن تخلى عنها بصرها؟!"..

وبيقين يقول "إن ما نعيشه من ظروف صعبة، هو امتحان من الله ونحن بإذنه من الصابرين، وما أصاب زوجتي هو قدرها وما قدمته لي في صحتها وشبابها، يستوجب مني رد الجميل بالجميل".

ويردف "المرأة الصالحة تعين زوجها وتقف معه خلال مرضه وعجزه، ومن واجبه هو الآخر أن يفعل الفعل ذاته، حال باغتها مرض، وكان قادرًا صحياً على خدمتها حباً وكرامة، دون أن يخدش مشاعرها".

ويؤكد أبو مراد، الذي لم يرزقه الله بمولود ذكر لطالما حمل كنيته منذ شبابه "ورغم صعوبة عمل المنزل الذي لم أعتد عليه، إلا أنني أؤديه بسعادة، لعل يكون في ذلك رسالة إنسانية للرجال، الذين يهملون زوجاتهم عند أول وعكة أو ظرف صحي يلم بهن"، لافتاً أن "قدوتي في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أمرنا أن نستوصي بالنساء خيرًا".

وبحسب إحصائيات رسمية، يوجد في الأردن مليون و 388 ألف سوري، منهم 750 ألف دخلوا الأردن قبل بدء الثورة بحكم النسب والمصاهرة والمتاجرة، والبقية مسجلين بصفة لاجئ.

وتضم المخيمات الخاصة باللاجئين السوريين وعددها خمسة أكبرها "الزعتري" ما يزيد على 100 ألف، ويتوزع الباقي على مدن الأردن وقراها.

وتزيد الحدود الأردنية مع جارتها الشمالية عن 375 كم، يتخللها العشرات من المنافذ غير الشرعية، التي كانت ولا زالت معابر للاجئين السوريين، الذين يقصدون أراضيه نتيجة الحرب المستعرة التي تشهدها بلادهم.

ومنذ منتصف مارس/ آذار 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من (44) عامًا من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ما دفع سوريا إلى دوامة من العنف، ومعارك دموية بين قوات النظام والمعارضة، لا تزال مستمرة حتى اليوم أوقعت حوالي 220 ألف قتيل، وتسببت في نزوح نحو 10 ملايين سوري عن مساكنهم داخل البلاد وخارجها، بحسب إحصاءات أممية وحقوقية.

ترك تعليق

التعليق