دراسة: السوريون في السويد يغيرون وجهة النظر السلبية حيال اللاجئين ذوي الأصول الشرق أوسطية

نشر رئيس مركز دراسات "ممارسات الإعلام وتأثيرها على المجتمع"، في جامعة يونشوبنك-السويد، الباحث الإعلامي "ليون برخو"، دراسة حول التأثير الإيجابي للاجئين السوريين في المجتمع السويدي من مختلف المناحي، وذلك في جريدة "الاقتصادية" السعودية، أشار فيها إلى الطابع السلبي والعدائي أحياناً الذي يواجه به اللاجئون الأجانب، لاسيما المسلمين منهم، في الغرب برمته وليس في السويد فحسب، مفسراً أسباب ذلك -كما يقول- بصعود الأحزاب والتيارات اليمينية المتطرفة المبني على أسس العداء للأجانب.

وأوضح برخو أن "السويد لا تخلو من تيارات كهذه. ففيها الحزب اليميني الذي زادت شعبيته كثيراً في الانتخابات الأخيرة ودخل البرلمان بقوة إلى درجة أن وجوده وأصواته أخذت تؤثر في تقرير بعض المسارات والقرارات"، لكن الأمر– كما يقول- مختلف بالنسبة للاجئين السوريين، فمع دخول أفواج منهم إلى السويد في السنوات الأخيرةـ، بدأ الكثير من الناس هنا يغيرون من وجهة نظرهم السلبية بخصوص وجود الأجانب ذوي الأصول الشرق أوسطية".

ويشير الباحث برخو إلى أن "السويد هي المحطة التي يحلم بالوصول إليها غالبية هؤلاء، ولكن الحلم شيء والحقيقة شيء آخر. فالإبحار صوب السويد محفوف بالمخاطر ومجرد التفكير فيه قد يعد تهوراً". ويؤكد برخو أن "هذا البلد لا يشجع السوريين على القدوم إليه، بل يعمل جاهداً على غلق كل سبل الوصول غير الشرعي إلى أراضيه. مع ذلك يتوقع أن يقتحم الأسلاك السويدية الشائكة نحو 200 ألف لاجئ هذه السنة وإن استمر تدفقهم بهذا الشكل فإنهم قد يشكلون أكبر جالية أجنبية في السويد في فترة قصيرة".

ويشير واضع التقرير إلى أن "هناك نوعاً من الازدواجية أيضاً في سياسة السويد تجاه اللاجئين السوريين. فمن ناحية تغلق الأبواب في وجوههم - أي لا تمنحهم حق القدوم والسكن والإقامة فيها بصورة شرعية وقانونية- ومن ناحية أخرى تمنحهم الرعاية الكاملة إن وصلوا إليها بصورة غير قانونية، بعد أن يكونوا قد لاقوا الويلات في رحلتهم الشاقة قبل أن تطأ أقدامهم أراضيها".

 ويلمح الباحث إلى أن "أغلب السوريين الذي يصلون هناـ وأعدادهم في تزايد مستمرـ يحملون شهادات عاليةـ جامعية وما فوق، وغير الجامعيين رياديون، يدخلون سوق العمل بسرعة مذهلة وفي فترة وجيزة يصبحون أصحاب العمل".

ومن جانب آخر يشير كاتب التقرير- بحسب دراسات اجتماعية أجريت في السويد- إلى أن "السوريين شعب خلاق. يتحدث أغلبهم الإنجليزية بصورة مرضية، وبإمكانهم استخدام التكنولوجيا الرقمية بسهولة ويسر". ويلمح برخو إلى تقرير للقناة السويدية العامة أظهر فرح وسعادة وبهجة مسؤولي بعض المدن والمناطق والقصبات بوجود اللاجئين السوريين في صفوفهم، وأدى قدوم السوريين بعلمهم وثقافتهم الغزيرة إلى صعود مكانة بلدياتهم وقصباتهم في سلم الترتيب الثقافي والعلمي في السويد- بحسب كاتب التقرير.-الذي يشير إلى سرعة تعلم السوريين للغة السويدية، وحرقهم للمراحل التعليمية بطريقة لم يشهدها البلد في السابق.

ويعمل الكثير من السوريين اليوم كأطباء ومهندسين وممرضين ومعلمين وعمال وأصحاب محال ولهذا– كما يؤكد- برخو "تعمل دائرة الهجرة كل ما في وسعها على تسريع المعاملات الخاصة باللاجئين السوريين وتخصص مبالغ هائلة لتأهيلهم. وبحسب موظفة في البلدية فإن هذا الأمر يمثل للمجتمع السويدي استيراداً مجانياً للعلم والثقافة لم يحدث مثله في السابق، مطالبة بإرسال المزيد من السوريين إلى منطقتها، وعلى الهواء في القناة العامة الأكثر مشاهدة في السويد".

ولا يفت كاتب التقرير أن يشير إلى الطبيعة النفسية للاجئين السوريين في السويد فهم- كما يقول- "يحبون بعضهم بعضاً، متألقون، متفقون، لا وجود للكراهية بينهم، ولا مكانة للطائفية فيهم، مساندون لإخوانهم وأشقائهم في الوطن والدول التي تم تهجيرهم إليها"، وقد شكلوا للتو، وفي فترة قصيرة جداً، مجموعة ضغط تحاول الاستفادة من القوانين والتشريعات السويدية لخدمة وطنهم ومواطنيهم المهجرين، لاستقدام أكبر عدد ممكن منهم إلى السويد".

ويختم الباحث ليون برخو بحثه المنصف بتساؤل يقول "كيف ولماذا ترك العرب شعباً خلاقاً يملك مستويات معرفية تبز ما لدى السويد ضحية للدكتاتورية والإرهاب والشر والعنف من كل حدب وصوب"، معتبراً أن "هذا الأمر يُشعر المرء بالخسارة والأسى؟

ترك تعليق

التعليق